محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (27)

/ { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون 27 } .

{ الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه } صفة للفاسقين ، للذم . و " العهد " الذي وصفوا بنقضه : هو وصية الله إلى خلقه ، وأمره إيّاهم بما أمرهم به من طاعته ، ونهيه إيّاهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه ، وعلى لسان رسله ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } عام في كل قطيعة لا يرضاها الله تعالى : كقطع الرحم ، والإعراض عن موالاة المؤمنين ، والتفرقة بين الأنبياء عليهم السلام والكتب في التصديق ، وسائر ما فيه رفض خير أو تعاطي شر ، فإنه يقطع ما بين الله تعالى وبين العبد من الوصلة التي هي المقصودة بالذات من كل وصل وفصل { ويفسدون في الأرض } بالمنع عن الإيمان ، والاستهزاء بالحق ، وقطع الوُصَل التي بها نظام العالم وصلاحه { أولئك هم الخاسرون } لأنهم استبدلوا النقضَ بالوفاء ، والقطع بالوصل ، والفساد بالصلاح ، وعقابها بثوابها . وهذه الصفات المسوقة في الآية صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين ، كما قال تعالى في سورة الرعد : { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى * إنما يتذكر أولوا الألباب * الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق * والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب } {[533]} الآيات إلى أن قال : { والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار } {[534]} .


[533]:[13/ الرعد/ 19 و20 و21].
[534]:[13/ الرعد/ 25].