قوله عز وجل : { الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ } .
أما النقض ، فهو ضد{[60]} الإبرام ، وفي العهد قولان :
والميثاق ما وَقَعَ التوثق به .
وفيما تضمنه عهده وميثاقه أربعة أقاويل :
أحدها : أن العهد وصية الله إلى خلقه ، وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعة ، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصية في كتبه ، وعلى لسان رسله ، ونقضهم ذلك بترك العمل به .
والثاني : أن عهده ما خلقه في عقولهم من الحجة على توحيده وصدق رسله بالمعجزات الدالة على صدقهم{[61]} .
والثالث : أن عهده ما أنزله على أهل الكتاب [ من ] ، صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، والوصية المؤكدة باتباعه ، فذلك العهد الذي نقضوه بجحودهم له بعد إعطائهم الله تعالى الميثاق من أنفسهم ، ليبيننه للناس ولا يكتمونه ، فأخبر سبحانه ، أنهم نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً .
والرابع : أن العهد الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم ، الذي وصفه في قوله تعالى :
{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ{[62]} وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنا }
وفي هذه الكناية التي في ميثاقه قولان :
أحدهما : أنها كناية ترجع إلى اسم الله وتقديره من بعد ميثاق الله .
والثاني : أنها كناية ترجع إلى العهد وتقديره من بعد ميثاق العهد .
وفيمن عَنَاهُ الله تعالى بهذا الخطاب ، ثلاثة أقاويل :
قوله عز وجل : { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ } فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أن الذي أمر الله تعالى به أن يوصل هو رسوله ، فقطعوه بالتكذيب والعصيان ، وهو قول الحسن البصري .
والثاني : أنَّه الرحمُ والقرابةُ ، وهو قول قتادة .
والثالث : أنه على العموم في كل ما أمر الله تعالى به أن يوصل .
قوله عز وجلَّ : { وَيُفْسِدُونَ في الأَرْضِ } وفي إفسادهم في الأرض قولان :
أحدهما : هو استدعاؤهم إلى الكفر .
والثاني : أنه إخافتهم السُّبُلَ وقطعهم الطريق .
وفي قوله : { أُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } قولان :
أحدهما : إن الخسران هو النقصان ، ومنه قول جرير :
إِنَّ سليطاً في الْخَسَارِ إِنَّهُ *** أَوْلاَدُ قَوْمٍ حلفوا افنه
يعني بالخَسَار ، ما ينقُصُ حظوظهم وشرفهم .
والثاني : أن الخسران ها هنا الهلاك ، ومعناه : أولئك هم الهالكون .
ومنهم من قال : كل ما نسبه الله تعالى من الخسران إلى غير المسلمين فإنما يعني الكفر ، وما نسبه إلى المسلمين ، فإنما يعني به الذنب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.