لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ فَقَالَ مَالِيَ لَآ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَآئِبِينَ} (20)

قوله عز وجل { وتفقد الطير } أي طلبها وبحث عنها والمعنى أنه طلب ما فقد من الطير { فقال ما لي لا أرى الهدهد } وكان سبب تفقده الهدهد وسؤاله عنه إخلاله بالنوبة ، وذلك أن سليمان كان إذا نزل منزلاً تظله وجنده الطير من الشمس ، فأصابته الشمس من موضع الهدهد فنظر فرآه خالياً . وروي عن ابن عباس أنه كان دليله على الماء وكان يعرف موضع الماء ويرى الماء تحت الأرض كما يرى في الزجاجة ، ويعرف قربه من بعده فينقر الأرض فتجيء الشياطين فيحفرونه ويستخرجون الماء منه قال سعيد بن جبير : لما ذكر ابن عباس هذا ، قال نافع بن الأزرق بأوصاف انظر ما تقول إن الصبي منا يضع الفخ ويحثو عليه التراب ، فيجيء بالهدهد ، وهو لا يبصر الفخ حتى يقع في عنقه ، فقال له ابن عباس ويحك إذا جاء القدر حال دون البصر وفي رواية إذا نزل القضاء والقدر ذهب اللب ، وعمي البصر فنزل سليمان منزلاً واحتاج إلى الماء ، فطلبوه فلم يجدوه فتفقد الهدهد ليدله على الماء فقال ما لي لا أرى الهدهد على تقدير أنه مع جنوده ، وهو لا يراه ثم إنه أدركه الشك فقال { أم كان من الغائبين } أي أكان وقيل بل كان من أهل الغائبين ، ثم أوعده على غيبته .