ثم قال : { وتفقد الطير فقال مالي{[52000]} لا أرى الهدهد }[ 20 ] ، سأل ابن عباس ، عبد الله بن سلام{[52001]} : لم تفقد سليمان الهدهد من بين سائر الطير ؟ فقال عبد الله : إن سليمان نزل منزلة{[52002]} في مسير له ، فلم يدر ما بعد الماء ، فقيل : من يعلم{[52003]} ما بعد الماء ؟ فقالوا{[52004]} : الهدهد ، فذلك حين تفقده{[52005]} .
وروي{[52006]} : أن الهدهد كان يدل{[52007]} سليمان على مواضع الماء في أسفاره ، فأخذ الناس عطش في مفازة{[52008]} فسألوا سليمان الماء ، فسأل عن الهدهد ، فقالوا : غاب ولم يكن معه إلا هدهد واحد{[52009]} .
قال ابن عباس : تفقد سليمان-عند سؤالهم الماء- الهدهد ، فسأل عنه ، ودعا أمين الطير{[52010]} فسأله عنه ، ولم يكن معه إلا هدهد واحد . فقال الأمين : ما أدري/أين ذهب ولا استأمرني . فكان الهدهد إذا وضع منقاره في الأرض أخبره كم بعد الماء ، فغضب سليمان عند ذلك ، وتألاّ{[52011]} لنعذبنه{[52012]} عذابا شديدا ، أي ينتف ريشه أو يذبحه{[52013]} أو يأتي بحجة{[52014]} بينة ، وكان أشد عذابه الذي يعذب به الطير{[52015]} أن ينتف ريشه حتى يتركه أقرع لا ريش عليه ، فلم يكن إلا يسيرا حتى أتى الهدهد بعذر بين ، فقال : اطلعت على ما لم تطلع عليه { وجئتك{[52016]} من سبإ{[52017]} }[ 22 ] ، أي بخبر صادق .
قال{[52018]} ابن عباس : لما{[52019]} أقبل الهدهد قيل له : إن سليمان قد حلف ليعاقبنك حين فقدك . فقال الهدهد : هل استثنى ؟ قالوا{[52020]} : نعم ، فأقبل حتى قام بين يديه فأخبره بعذره .
وروي : أن الطير كانت تظله من الشمس في مسيره . فلما غاب الهدهد أصابته الشمس من موضع الهدهد ، فسأل{[52021]} عنه إذ فقده .
وقال ابن عباس : كان سليمان يوضع له ست مائة كرسي ، ثم يجيء أشراف الإنس ، فيجلسون مما يليه ، ثم يجيء أشراف الجن فيجلسون مما يلي الإنس ، ثم يدعو الطير فتظلهم ، قال : ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير{[52022]} في الغداة{[52023]} الواحدة مسيرة شهر . قال : فبينما هو في مسيرة إذا احتاج إلى الماء ، وهو{[52024]} في فلاة من الأرض قال : فدعا الهدهد ، فجاءه فنقر في الأرض فيبصر موضع الماء . قال : فتجيء الشياطين فيسلخونه كما يسلخ الإهاب ، ثم يستخرجون الماء . فاعترض على ابن عباس نافع بن الأزرق{[52025]} ، فقال له : كيف يبصر الهدهد الماء تحت الأرض ، ولا يبصر الفخ حتى يقع في عنقه ؟ فقال له ابن عباس : ويحك إن القدر إذا جاء حال دون البصر{[52026]} . وذكر أن الهدهد كان يرى الماء في الأرض ، كما يرى الماء في الزجاجة . ومعنى قوله : { مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين }[ 20 ] ، أي أخطأه بصري فلا أره ، وقد حضر أم{[52027]} هو غائب من سائر أجناس الخلق ؟ " وكان " هاهنا بمعنى صار لأنه لم يستفهم وهو حاضر{[52028]} ، إنما استفهم عنه وهو غائب ، وإذا حملت " كان " على لفظها صار المعنى أنه استفهم عنه وهو حاضر ، ولم يكن كذلك بل كان غائبا وقت الاستفهام فكان محمولة على معنى صار . وبذلك{[52029]} يتم المعنى .
و{[52030]} قيل : إن مثله { ما كان لنبيء أن يكون له أسرى }{[52031]} أي أن{[52032]} يصير له أسرى ، لأن الأسرى كانوا بالحضرة لم يكونوا غيبا ، ولا متوقعين ولا منتظرين و " يكون " يدل على أنه أمر متوقع منتظر ، وليس هو كذلك ، بل كانوا بالحضرة ، فالمعنى أن تصير{[52033]} له أسرى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.