فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ فَقَالَ مَالِيَ لَآ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَآئِبِينَ} (20)

ثم شرع سبحانه في ذكر قصة بلقيس وما جرى بينها وبين سليمان وذلك بدلالة الهدهد فقال :{ وتفقد الطير } التفقد تطلب ما غاب عنك ، وتعرف أحواله . والطير اسم جنس لكل ما يطير ، والمعنى أنه تطلب ما فقد من الطير ، وتعرف حال ما غاب منها ، وكانت الطير تصحبه في سفره وتظله بأجنحتها .

{ فقال : ما لي } وقرئ بسكون الياء { لا أرى الهدهد ؟ } أي ما للهدهد لا أراه ؟ فهذا من الكلام المقلوب الذي تستعمله العرب كثيرا . وقيل : لا حاجة إلى ادعاء القلب ، إذ المعنى صحيح بدونه ، بل هو استفهام واستخبار عن المانع من رؤية الهدهد ، كأنه قال : ما لي أراه هل ذلك لساتر يستره عني ؟ أو لشيء آخر ؟

قال الكلبي : ولم يكن له في مسيره إلا هدهد واحد ، والهدهد معروف .

ثم ظهر له أنه غائب فقال : { أم كان من الغائبين ؟ } فلم أره لغيبته ، و ( أم ) هي المنقطعة التي بمعنى الإضراب ، عن ابن عباس أنه سئل : كيف تفقد سليمان من بين الطير ؟ فقال : إن سليمان نزل منزلا فلم يدر ما بعد الماء ، وكان الهدهد يدل سليمان على الماء ، فأراد أن يسأله عنه ففقده ، قال سعيد بن جبير : لما ذكر ابن عباس رضي الله عنه هذا قيل له ، كيف ذلك : والهدهد ينصب له الفخ يلقى عليه التراب ويضع له الصبي الحبال فيغيبها فيصيده فقال : إذا جاء القضاء ، ونزل القدر ذهب اللب ، وعمي البصر ،