قوله : { مَالِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ } : هذا استفهامُ توقيفٍ ، ولا حاجةَ إلى ادِّعاء القَلْب ، وأنَّ الأصلَ : ما للهدهد لا أراه ؟ إذ المعنى قويٌّ دونه . والهُدْهُدُ معروفٌ . وتصغيره على هُدَيْهِد وهو القياس . وزعم بعضُ النحويين أنه تُقْلَبُ ياءُ تصغيره ألفاً ، فيقال : هُداهِد . وأنشد :
كهُداهِدٍ كَسَرَ الرماةُ جناحَه *** يَدْعو بقارعةِ الطريق هَدِيْلا
كما قالوا دُوابَّة وشُوابَّة ، في : دُوَيْبَّة وشُوَيْبَّة . ورَدَّه بعضُهم : بأن الهُداهِد الحَمامُ ، الكثيرُ ترجيعِ الصوتِ . تزعُمُ العربُ أن جارحاً في زمان الطُّوفانِ ، اخْتَطَفَ فرخَ حمامةٍ تسمَّى الهديل . قالوا : فكلُّ حمامةٍ تبكي فإنما تبكي على الهديل .
قوله : { أَمْ كَانَ } هذه " أم " المنقطعةُ وقد تقدَّم الكلامُ فيها . وقال ابن عطية : " قوله مالي لا أرى الهدهد " مَقْصَدُ الكلامِ : الهُدْهُدُ غاب ، ولكنه أَخَذَ اللازمَ عن مُغَيَّبِه : وهو أَنْ لا يَراه ، فاستفهم على جهةِ التوقُّفِ عن اللازمِ ، وهذا ضَرْبٌ من الإِيجاز . والاستفهامُ الذي في قوله : " مالي " نابَ منابَ الألفِ التي تحتاجُها " أم " . قال الشيخ : " فظاهرُ كلامِه أنَّ " أم " متصلةٌ ، وأن الاستفهامَ الذي في قوله " مالي " ناب منابَ ألفِ الاستفهام . فمعناه : أغاب عني الآن فلم أَرَهُ حال التفقُّد أم كان مِمَّنْ غابَ قبلُ ، ولم أَشْعُرْ بغَيْبَتِه ؟ " . قلت : لا يُظَّنُّ بأبي محمد ذلك ، فإنه لا يَجْهَلُ أنَّ شَرْطَ المتصلةِ تَقَدُّمُ همزةِ الاستفهامِ أو التسويةِ لا مطلقُ الاستفهامِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.