لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (31)

قوله عز وجل الله : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } نزلت في اليهود والنصارى حيث قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه فنزلت هذه الآية ، فعرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فلم يقبلوها . وقال ابن عباس : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش وهم في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها فقال : يا معشر قريش والله لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل فقالت قريش : إنما نعبدها حباً لله لتقربنا إلى الله زلفى ، فنزلت هذه الآية . وقيل : إن نصارى نجران قالوا : إنما نقول هذا القول في عيسى حباً لله وتعظيماً له فأنزل الله { قل يا محمد إن كنتم تحبون الله } فيما تزعمون فاتبعوني يحببكم الله لأنه قد ثبتت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بالدلائل الظاهرة والمعجزات الباهرة فوجب على كافة الخلق متابعته . والمعنى قل : إن كنتم صادقين في ادعاء محبة الله فكونوا منقادين لأوامره مطيعين له فاتبعوني ، فإن اتباعي من محبة الله تعالى وطاعته . وقال العلماء : إن محبة العبد لله عبارة عن إعظامه وإجلاله وإيثار طاعته واتباع أمره ومجانبة نهيه ، ومحبة الله للعبد ثناؤه عليه ورضاه عنه وثوابه له وعفوه عنه فذلك قوله تعالى : { ويغفر لكم ذنوبكم } يعني أن من غفر له فقد أزال عنه العذاب { والله غفور رحيم } يعني أنه تعالى يغفر ذنوب من أحبه ويرحمه بفضله وكرمه .