الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (31)

قوله تعالى : { تُحِبُّونَ اللَّهَ } : قرأ العامة : " تُحِبون " بضم حرف المضارعة مِنْ أَحَبَّ ، وكذلك " يُحْبِبْكُم الله " . وقرأ أبو رجاء العطاردي : تَحُبُّون ، يَحْببكم بفتح حرف المضارعة وهما لغتان : يقال حَبَّه يَحِبُّه بضم الحاء وكسرها في المضارع ، وأَحَبَّه يُحِبُّه ، وقد تقدم القول في ذلك في البقرة . ونقل الزمخشري أنه قرىء " يَحِبَّكم " بفتح الباء والإِدغام وهو ظاهرٌ ، لأنه متى سَكَّن المِثْلَيْنِ جزماً أو وقفاً جاز فيه لغتان : الفكُّ والإِدغام ، وسيأتي تحقيق ذلك في المائدة .

وقرأ الجمهور : " فاتِّبعوني " بتخفيف النون وهي للوقاية ، وقرأ الزهري بتشديدها ، وخُرِّجَت على أنه أَلْحَقَ الفعلَ نونَ التوكيد وأدغمها في نونِ الوقاية ، وكان ينبغي له أن يَحْذِفَ واو الضمير لالتقاء الساكنين ، إلا أنه شَبَّه ذلك بقوله : { أَتُحَاجُّونِّي } [ الأنعام : 80 ] وهو توجيهُ ضعيف ، ولكنْ هو يصلح لتخريج هذا الشذوذ .

وقد طعن الزجاج على مَنْ روى عن أبي عمرو إدغامَ الراء من " يغفر " في لام " لكم " وقال : " هو خطأٌ وغلطٌ على أبي عمرو " وقد تقدَّم تحقيق ذلك وأنه لا خطأٌ ولا غلطٌ ، بل هذه لغةٌ للعرب نقلَها الناس ، وإن كان البصريون كما يقول الزجاج لا يُجيزون ذلك .