ثم إنه تعالى دعا القوم إلى الإيمان به ورسوله من طريق آخر سوى طريق التهديد والتحذير فقال : { قل إن كنتم تحبون الله } قال الحسن وابن جريج : زعم أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يحبون الله فقالوا : يا محمد إنا نحب ربنا فأنزل الله هذه الآية . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : " وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قريش وهم في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها فقال : يا معشر قريش ، لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل ولقد كانا على الإسلام . فقالت قريش : يا محمد إنا نعبد هذه حباً لله ليقربونا إلى الله زلفى "
فأنزل الله { قل إن كنتم تحبون الله } وتعبدون الأصنام لتقربكم إليه { فاتبعوني يحببكم الله } فأنا رسوله إليكم وحجته عليكم وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم . وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنها نزلت حين زعمت اليهود أنهم أبناء الله وأحباؤه . وقيل : نزلت في نصارى نجران زعموا أنهم يعظمون المسيح ويعبدونه حباً لله وتعظيماً له . والحاصل أن كل من يدعي محبة الله تعالى من فرق العقلاء فلا بد أن يكون في غاية الحذر مما يوجب سخطه ، فإذا قامت الدلائل العقلية والمعجزات الحسية على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وجبت متابعته . فليس في متابعته إلا أنه يدعوهم إلى طاعة الله وتعظيمه وترك تعظيم غيره . فمن أحب الله كان راغباً فيه لأن المحبة توجب الإقبال بالكلية على المحبوب والإعراض بالكلية عن غيره ، وقد مر في تفسير قوله :{ والذين آمنوا أشد حباً لله }[ البقرة : 165 ] تحقيق المحبة وأنها من الله تعالى عبارة عن إعطاء الثواب . وقال : { ويغفر لكم ذنوبكم } ليدل مع إيفاء الثواب على إزالة العقاب وهذه غاية ما يطلبه كل عاقل . { والله غفور } في الدنيا يستر على عبده أنواع المعاصي { رحيم } في الآخرة يثيبه على مثقال الذرة من الطاعة والحسنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.