جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (31)

{ قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني } : نزلت{[655]} حين سجدوا للأصنام{[656]} زعما منهم أن الباعث لعبادتهم حب الله ، وقيل : نزلت لما قالت اليهود : نحن أبناء الله وأحباؤه وقيل : نزلت في وفد نجران لما قالوا نعبد المسيح حبًّا لله . { يُحْببكم{[657]} الله } أي : يرض عنكم ويُثبكم ، { ويغفر لكم ذنوبكم } : والجزم لجواب الأمر يعني يحصل لكم فوق ما طلبتم{[658]} كما قيل : ( ليس الشأن أن تحِب إنما الشأن أن تحَب ) { والله غفور رحيم } : باتباعكم للرسول .


[655]:منقول عن ابن عباس ذكره البغوي والواحدي وغيرهما/12 منه.
[656]:في الأصل: الأصنام.
[657]:قوله تعالى: (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) فإن هذا يدل على أنهم إذا اتبعوه أحبهم الله فإنه جزم قوله (يحببكم الله) فجزمه جوابا للأمر وهو في معنى الشرط تقديره: إن تتبعوني يحببكم الله ومعلوم أن جواب الشرط والأمر إنما يكون بعده لا قبله فمحبة الله لهم إنما تكون بعد اتباعهم للرسول، والمنازعون منهم من يقول: ما ثم محبة، بل المراد ثوابا مخلوقا، ومنهم من يقول: بل ثم محبة قديمة أزلية إما الإرادة وإما غيرها والقرآن يدل على قول السلف، وأئمة السنة المخالف للقولين وكذلك قوله: (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه) (محمد:47)، فإنه يدل على أن أعمالهم أسخطته فهي سبب لسخطه، وسخطه عليهم بعد العمال لا قبلها وكذلك قوله: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) (الزخرف: 55)، وكذلك قوله: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم) (الزمر: 7)، علق الرضى بشكرهم وجعله مجزوما جزاء له وجزاء الشرط لا يكون إلا بعده، وكذلك قوله: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) (البقرة: 222)، ويحب المتقين، ويحب المقسطين، و(يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) (الصف: 4)، ونحو ذلك فإنه يدل على أن المحبة بسبب هذه الأعمال، وهي جزاء لهذه الأعمال، والمسبب والجزاء إنما يكون بعد العمل والسبب (.....) [ ما بين القوسين رموز غير مفهومة لعلها تشير إلى أنه من كلام شيخ الإسلام كما أوضح في الموضع الذي أشار فيه بعد] شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني قدس الله روحه وسيأتي بعض ما يتعلق بالمحبة في تفسير قوله تعالى {وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين} (آل عمران: 146)، إن شاء الله تعالى.
[658]:فإنهم طلبوا مرتبة المحبية فيحصل لهم مرتبة المحبوبية، ومن أين إلى أين/12.