{ قُلْ } أمرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق تلوين الخطاب بعد نهْيِ المؤمنين عن تولِّي المستهزئين بأن يخاطِبَهم ويبيِّنَ أن الدين منزه عما يصحِّحُ صدورَ ما صدر عنهم من الاستهزاء ، ويُظهرَ لهم سببَ ما ارتكبوه ويُلْقِمَهم الحجرَ ، أي قل لأولئك الفجرة { يَا أَهْل الكتاب } وُصفوا بأهلية الكتاب تمهيداً لما سيأتي من تبكيتهم وإلزامهم بكفرهم بكتابهم { هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا } من نقَم منه كذا إذا عابه وأنكره وكرهه ، ينقِمه من حدِّ ضرب ، وقرئ بفتح القاف من حد علِمَ وهي أيضاً لغة ، أي ما تَعيبون وما تُنكرون منا { إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا } من القرآن المجيد { وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ } أي من قبل إنزاله من التوراة والإنجيل المنزَّلَيْن عليكم وسائرِ الكتبِ الإلهية { وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسقون } أي متمردون خارجون عن الإيمان بما ذكر فإن الكفر بالقرآن مستلزم بما يصدِّقُه لا محالة وهو عطف على ( أن آمنا ) على أنه مفعول له لتنقمون ، والمفعول الذي هو الدينُ محذوفٌ ثقةً بدلالة ما قبله وما بعده عليه دلالةً واضحة ، فإن اتخاذ الدين هزواً ولعباً عينُ نِقَمِه وإنكارِه ، والإيمانُ بما فُصِّل عينُ الدين الذي نقَموه خلا أنه أبرَزَ في معرِض علةِ نقمِهم له تسجيلاً عليهم بكمال المكابرةِ والتعكيس حيث جعلوه موجِباً لنقمه مع كونه في نفسه موجباً لقَبوله وارتضائه ، فالاستثناءُ من أعم العلل أي ما تنقِمون منا دينَنا لعلةٍ من العلل إلا لأنا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أُنزل من قبلُ من كتُبكم ، ولأن أكثركم متمردون غيرُ مؤمنين بواحدٍ مما ذُكر حتى لو كنتم مؤمنين بكتابكم الناطقِ بصحة كتابِنا لآمنتم به ، وإسنادُ الفسق إلى أكثرِهم لأنهم الحاملون لأعقابهم على التمرُّد والعناد ، وقيل : عطفٌ عليه على أنه مفعول لتنقمون منا ، لكن لا على أن المستثنى مجموعُ المعطوفَيْن بل هو ما يلزَمهما من المخالفة كأنه قيل : ما تنقمون منا إلا مخالفتَكم حيث دخلنا الإيمانَ وأنتم خارجون عنه ، وقيل : على حذف المضافِ ، أي واعتقادَ أن أكثركم فاسقون ، وقيل : عطف على ( ما ) أي ما تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وبأنكم فاسقون ، وقيل : عطفٌ على علة محذوفةٍ أي لقلة إنصافِكم ولأن أكثركم فاسقون ، وقيل : الواو بمعنى مع أي ما تنقِمون منا إلا الإيمانَ مع أن أكثركم الخ ، وقيل : هو مرفوعٌ على الابتداء والخبر محذوفٌ أي وفِسقُكم معلوم أي ثابت ، والجملة حالية أو معترضة ، وقرئ بإِن المكسورةِ والجملةُ مستأنَفة مبيّنةٌ لكون أكثرهم فاسقين متمرِّدين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.