الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلَّآ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَٰسِقُونَ} (59)

قوله : ( قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا ) الآية [ 61 ] .

المعنى : قل يا محمد لليهود والنصارى : هل [ تكرهون ]( {[16993]} ) منا وتجدون علينا شيئاً من الأشياء إلا إيماننا بالله وإقرارنا به ، وبما أنزل إلينا ، وبما أنزل من قبل أي : التوراة والإنجيل وجميع الكتب ؟ ( وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ) أي : وهل تنقمون منا إلا أن أكثركم فاسقون ؟ ، كأنه : هل تنقمون إلا إيماننا وفسقكم ؟ ( {[16994]} ) .

ومنع بعض العلماء حمل ( وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ ) على ( تَنقِمُونَ ) ، وقال : كيف( {[16995]} ) يجوز " هل تنقمون ( منا )( {[16996]} ) إلاَّ فسقكم " ، والفسق منهم ، فغير جائز أن ينقموا على غيرهم فسقهم ، قال : وإنما هو مردود على ( بالله ) أي : هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وبأن أكثركم فاسقون( {[16997]} ) .

وذكر ابن عباس أن ناساً من يهود( {[16998]} ) أتوا( {[16999]} ) النبي صلى الله عليه وسلم [ فسألوه ]( {[17000]} ) عمن( {[17001]} ) يؤمن به من الرسل ، فقال : ( امَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالاَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى [ وَعِيسَى ] )( {[17002]} ) ، وما أوتي النبيون من ربهم ، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون . فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : " لا نؤمن ( بمن( {[17003]} ) آمن )( {[17004]} ) به " ، فأنزل الله ( قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا ) الآية( {[17005]} ) .


[16993]:- أ: تنقمون وانظر: مجاز أبي عبيدة 1/170.
[16994]:- انظر: تفسير الطبري 10/433 و435، وانظر: معاني الفراء 1/313، ومعاني الزجاج 2/186.
[16995]:- ب ج د: وكيف.
[16996]:- ساقطة من ب ج د.
[16997]:- هذا المعنى قول النحاس في إعرابه 15/506، وابن الأنباري في إعرابه 1/298، والعكبري في إعرابه 447، وانظر: إعراب مكي 230، 231، "وهذا قول أكثر المتأولين" في تفسير البحر 3/517" وانظر: كذلك التحرير 6/244.
[16998]:- "فيهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع وعازر وزيد وخالد وأزار بن أبي أزار وأشيع" تفسير الطبري 10/434.
[16999]:- الظاهر من الطمس في "أ" أنها: سلوا. ب: أتوا إلى.
[17000]:- ساقطة من أ. ج د: فسألوا.
[17001]:- ب ج د: عن من.
[17002]:- ساقطة من ب.
[17003]:- د: بما.
[17004]:- مستدركة في هامش أ ومخرومة.
[17005]:- انظر: تفسير الطبري 10/434.