قوله تعالى : { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ الله } الآية .
أظهرهما : أنَّها مصدريةٌ ، وموضعها إما نصبٌ ، أو جرٌّ ؛ لأنَّها على حذف حرف الجر ، إذ التقدير : في ألاَّ يُعذِّبهم ، وهذا الجارُّ متعلقٌ بما تعلَّق به : " لَهُمْ " من الاستقرار ، والتقديرُ : أيَّ شيءٍ استقر لهم في عدم تعذيبِ اللَّهِ إياهم ؟ بمعنى : لا حظ لهم في انتفاء العذاب .
والثاني : أنَّها زائدةٌ وهو قول الأخفش .
قال النَّحَّاسُ {[17313]} " : لو كانت كما قال لرفع " يُعذِّبهم " . يعني النَّحاس : فكان ينبغي أن يرتفع الفعلُ على أنه واقعٌ موقع الحال ، كقوله : { وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بالله } [ المائدة : 84 ] ولكن لا يلزمُ من الزيادةِ عدمُ العمل ، ألا ترى : " أنَّ " مِنْ " و " الباء " يعملان وهما مزيدتان .
وقال أبُو البقاءِ{[17314]} : " وقيل هو حال ، وهو بعيدٌ ، لأنَّ " أنْ " تُخلِّص الفعل للاستقبال " .
والظَّاهرُ أنَّ " ما " في قول " وَمَا لهُمْ " استفهامية ، وهو استفهامٌ معناه التقرير ، أي : كيف لا يُعذَّبُونَ وهم مُتَّصفون بهذه الحال ؟ .
وقيل : " ما " نافية ، فهي إخبارٌ بذلك ، أي : ليس عدمُ التَّعذيب ، أي : لا ينتفي عنهم التعذيب مع تلبسهم بهذه الحال .
معنى الآية : وما يمنعهم من أن يعذبوا ، أي : بعد خروجك من بينهم : { وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المسجد الحرام } أي : يمنعون المؤمنينَ من الطَّواف ، وقيل : أراد بالعذاب بالأوَّلِ عذاب الدُّنيا ، وبهذا عذاب الآخرة .
وقال الحسن : قوله { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ } [ الأنفال : 33 ] منسوخة بقوله { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ الله } [ الأنفال : 34 ] .
قوله { وَمَا كانوا أَوْلِيَاءَهُ } في هذه الجملة وجهان :
أحدهما : أنَّها استئنافيةٌ ، والهاء تعود على المسجد أي : وما كانُوا أولياءَ المسجد .
والثاني : أنَّها نسقٌ على الجملة الحاليَّة قبلها وهي : " وهُم يَصُدُّونَ " والمعنى : كيف لا يُعذِّبهُم اللَّه ، وهم مُتَّصفون بهذين الوَصْفيْنِ : صدِّهم عن المسجد الحرام ، وانتفاءِ كونهم أولياءه ؟ ويجوزُ أن يعود الضَّميرُ على الله تعالى ، أي : لم يكونوا أولياءَ الله .
قال الحسن : كان المشركون يقولون : نحن أولياء المسجد الحرام ، فردَّ الله عليهم بقوله : { وَمَا كانوا أَوْلِيَاءَهُ } أي : أولياء البيت : " إنْ أوْلياؤُهُ " أي : ليس أولياء البيت " إلاَّ المُتَّقُون " يعني المؤمنين الذين يتَّقُون الشرك ، ويحترزون عن المنكرات ، كالذي كانوا يفعلونه عند البيت ، فلهذا قال بعده : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } ولكن أكثرهم لا يعلمون{[17315]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.