تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا لَهُمۡ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمۡ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَمَا كَانُوٓاْ أَوۡلِيَآءَهُۥٓۚ إِنۡ أَوۡلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (34)

وقوله تعالى : ( وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) أي ما لهم من عذر في صرف العذاب عن أنفسهم ؛ إذ قد كان منهم من أنواع ما كان ، لو كان واحد من ذلك لكانوا يستوجبون العذاب ، من تكذيبهم الرسول والآيات التي أرسلها إليهم وصدهم الناس عن المسجد الحرام ، وهو مكان العبادة ، وسؤالهم بقولهم : ( فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم )[ الأنفال : 32 ] أي ليس لهم عذر في صرف العذاب عن أنفسهم ، والاحتجاج على الله أنه لم يرسل رسولا بقولهم : ( لولا أرسلت إلينا رسولا )الآية[ طه : 134 ] بل أرسل إليهم الرسول فكذبوه ، وبعث إليهم الآيات فكذبوها ، وصدوا الناس عن المسجد الحرام .

قلا عذر لهم في وجه الوجوه أن يصرف العذاب إلا ن الله بفضله ورحمته يصرف العذاب عنهم ببركة النبي صلى الله عليه وسلم واستغفار المؤمنين . وإلا قد كان منهم جميع أسباب العذاب التي يستوجبون الحرام .

فلا عذر لهم في وجه من الوجوه أن يصرف العذاب إلا أن الله بفضله ورحمته يصرف العذاب عنهم ببركة النبي عليه السلام واستغفار المؤمنين . وإلا قد كان منهم جميع أسباب العذاب التي يستوجبون بها .

وقوله تعالى : ( وهم يصدون عن المسجد الحرام ) أي عن الصلاة فيه . ويحتمل أن يكون صدهم[ في الأصل وم : صدوا ] الناس عن رسول الله ، لكنه ذكر المسجد لما كان رسول الله فيه لئلا يروا رسول الله ، فيتبعوا .

وقوله تعالى : ( وما كانوا أولياءه ) أي لم يكونوا ليصرفوا العذاب عن أنفسهم بالولاءة ، وهو صلة قوله : ( وما لهم ألا يعذبهم ) وهم ليسوا بأوليائه .

ويحتمل قوله : ( وما كانوا أولياءه ) أنهم كانوا يصدون الناس عن المسج الحرام لما ادعوا أنهم أولياؤه ، وأنهم أولى بالمسجد الحرام . ثم أخبر أنهم ليسوا أولياءه ، إنما أولياؤه المتقون الذين اتقوا لما أتاهم ، وأولياؤه الموحدون لا الذين أشركوا غيره في عبادته وألوهيته .