لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَٱلضُّحَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي إحدى عشرة آية وأربعون كلمة ومائة واثنتان وسبعون حرفا .

قوله عز وجل : { والضّحى } اختلفوا في سبب نزول هذه السّورة على ثلاثة أقوال : القول الأول ( ق ) " عن جندب بن سفيان البجلي قال : اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً فجاءت امرأة فقالت : يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك لم أره قربك ليلتين أو ثلاثاً فأنزل الله عز وجل : { والضّحى واللّيل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى } " وأخرجه الترمذي عن جندب قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فدميت أصبعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

هل أنت إلا أصبع دميت *** وفي سبيل الله ما لقيت

قال : فأبطأ عليه جبريل فقال المشركون قد ودع محمداً ربه فأنزل الله عز وجل : { ما ودعك ربك وما قلى . . . } . وقيل إن المرأة المذكورة في الحديث المتفق عليه هي أم جميل امرأة أبي لهب .

القول الثاني : قال المفسرون : سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرّوح ، وعن ذي القرنين ، وأصحاب الكهف ، فقال سأخبركم غداً ، ولم يقل إن شاء الله فاحتبس الوحي عليه .

القول الثالث : قال زيد بن أسلم : كان سبب احتباس الوحي ، وجبريل عنه أن جروا كان في بيته ، فلما نزل عليه عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبطائه فقال إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة .

واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه ، فقيل اثنا عشر يوماً وقال ابن عباس : خمسة عشر يوماً ، وقيل أربعون يوماً فلما نزل جبريل عليه الصلاة والسلام قال النبي صلى الله عليه وسلم " يا جبريل ما جئت حتى اشتقت إليك " فقال جبريل : إني كنت إليك أشد شوقاً ، ولكني عبد مأمور . ونزل { وما نتنزل إلا بأمر ربك } [ مريم : 64 ] وأنزل الله هذه السّورة .

{ والضحى } قيل أراد به النهار كله بدليل أنه قابله باللّيل كله في قوله ، { والليل إذا سجى } وقيل وقت الضحى وهي السّاعة التي فيها ارتفاع الشّمس واعتدال النهار في الحر والبرد في الصيف والشتاء .