صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} (7)

{ وكذلك أوحينا إليك . . . } أي ومثل ذلك الإيحاء البديع البين أوحينا إليك قرآنا عربيا ، لا لبس فيه عليك ولا على قومك . { لتنذر أم القرى } أي أهل أم القرى وهي مكة ؛ وسميت بذلك لأنها بالنسبة لما حولها كالأصل . { ومن حولها } أي تنذر من حولها من العرب العذاب على الشرك بالله . وخصوا بالذكر مع عموم الرسالة لأنهم أول المنذرين ، وأقرب من سواهم إليه صلى الله عليه وسلم . { وتنذر يوم الجمع } أي وتنذر الناس هول يوم القيامة الذي يجتمع فيه الخلائق للحساب ، ويقضى فيه على فريق بالعذاب ولفريق بالثواب .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} (7)

قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ( 7 ) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } .

الكاف في اسم الإشارة في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ؛ أي مثل ذلك الإيحاء أوحينا إليك هذا القرآن . والمعنى : أنزلنا إليك قرآنا عربيًّا ليكون بلسان قومك كما أرسلنا كل رسول من قبلك بلسان قومه { لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى } أي لتبلِّغ أهل مكة دعوة الحق فتدعوهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده ، ومجانبة الشرك والوثنية . وسميت مكة أم القرى ؛ لأنها أفضل مما سواها من المدن . وذلك لشرفها وقداستها وعظيم حرمتها . ومما يدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف في سوق مكة : " والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي ، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت " فالله عز وجل يبين في ذلك أن محمدا صلى الله عليه وسلم مرسل من ربه وقد أوحى الله إليه القرآن بَيِّنا جليًّا لينذر به أهل مكة ومن حولها من سائر البلاد شرقا وغربا .

قوله : { وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي لتحذِّر الناس يوم القيامة فيخشعوا ربهم ويبادروا بطاعته وتوحيده والتزام شرعه ومنهاجه . وسمي يوم الجمع ؛ لأن الله يجمع فيه الأولين والآخرين على صعيد واحد ، من أجل الحساب . وهو يوم حافل ومشهود وكائن لا محالة فلا شك في وقوعه البتة . وإذا وقع كان الناس فريقين : فريق ناج وسعيد . وفريق هالك وخاسر . وهو قوله : { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ } ففريق النجاة والسعادة يلجُون الجنة ليقيموا فيها آمنين منعَّمين . وفريق الخسران والشِّقوة يلبثون في السعير ماكثين حيث النار الحارقة والعذاب الواصب .