ثم قال تعالى : { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها } ، أي : أوحينا إليك يا محمد قرآنا بلسان العرب لتنذر عذاب الله أهل أم القرى ، وهي مكة سميت بذلك لأن الأرض دحيت{[60676]} منها .
وقيل : سميت ( أم القرى لأنها أول ما عظم وشرف من القرى . وقيل : سميت ){[60677]} بذلك لأنها{[60678]} أول ما وضع . كما قال{[60679]} : { إن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مباركا }{[60680]} .
وقوله : { ومن حولها } ، أي : ومن{[60681]} حول أم القرى من سائر الناس .
ثم قال تعالى : { وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه } ، أي : وتنذرهم عقاب الله الكائن في يوم الجمع لا شك فيه ، وهو يوم القيامة . وهذا في الحذف مثل قوله تعالى / { يخوف أولياءه }{[60682]} أي : يخوفكم بأوليائه ، فكذلك المعنى : وتنذرهم{[60683]} عقاب الله الكائن يوم الجمع ، ثم حذف .
فيكون ( يوم ) على هذا نصبا{[60684]} على الظرف .
ويجوز أن يكون النصب{[60685]} على المفعول به كما قال : { وأنذرهم يوم الحسرة }{[60686]} وكما قال : { وأنذر الناس يوم ياتيهم العذاب }{[60687]} فكل هذا انتصب على أنه مفعول به وليس{[60688]} بظرف للإنذار ، لأن الإنذار لا يكون يوم القيامة إنما الإنذار في الدنيا .
ثم قال تعالى : { فريق في الجنة وفريق في السعير } ، أي : منهم فريق في الجنة وهم المؤمنون ، وفريق في السعير – وهي جهنم – وهم الكفار . وسميت جهنم بالسعير لأنها تسعر على أهلها ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوما على أصحابه وفي يده كتابان{[60689]} ، فقال : " هل تدرون ما هذا " ؟ فقلنا : لا ، إلا أن ( تخبرنا يا رسول الله ) قال : " هذا كتاب من رب العالمين ، فيه أسماء أهل{[60690]} الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل{[60691]} على آخرهم فلا يزاد فيهم{[60692]} ولا ينقص منهم أبدا ( وهذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم ، ثم أجمل على آخرهم فلا ينقص منهم أبدا ){[60693]} فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم{[60694]} : ففيم العمل إذا كان هذا أمل قد فرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل سددوا وقاربوا ، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة ، وإن عمل أي عمل ، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أي عمل . فرغ ربكم من العباد ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فنبذهما{[60695]} : " فرغ ربكم من الخلق ، فريق في الجنة ، وفريق في السعير " قالوا : سبحان الله ، فلم نعمل وننصب ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العمل إلى خواتمه " {[60696]} .
وكان ابن عمر{[60697]} يقول : ( إن الله جل ثناؤه لما خلق آدم نفضه نفض المزود فأخرج منه كل ذرية ، فخرج أمثال النَّغَفِ{[60698]} فقبضهم قبضتين ، وقال : شقي وسعيد{[60699]} ، ثم ألقاهما ، ثم قبضهما فقال : فريق في الجنة وفريق في السعير ){[60700]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.