{ وكذلك } أي : ومثل ذلك الإيحاء { أوحينا } أي : بما لنا من العظمة { إليك قرآناً } أي : جامعاً لكل حكمة مع الفرق لكل ملتبس { عربياً } فهو بين الخطاب واضح الصواب معجز الجناب { لتنذر } أي : به { أم القرى } أي : أهل مكة التي هي أم الأرض وأصلها منها دحيت ، أو لشرفها أوقع الفعل عليها عداً لها عداد العقلاء أو غير ذلك إذ ما عليك إلا البلاغ ، وقوله تعالى { ومن حولها } معطوف على أهل المقدر قبل أم القرى ، والمفعول الثاني محذوف أي : العذاب والمراد بمن حولها : قرى الأرض كلها من أهل البدو والحضر وأهل المدر والوبر ، والإنذار : التخويف { وتنذر } أي : الناس .
{ يوم الجمع } أي : يوم القيامة يجمع الله تعالى فيه الأولين والآخرين وأهل السماوات والأرضين ويجمع الأرواح بالأجساد ويجمع بين العامل وعمله ويجمع بين الظالم والمظلوم { لا ريب } أي : لا شك { فيه } لأنه ركز في فطرة كل أحد وقوله تعالى : { فريق } يجوز فيه وجهان ؛ أحدهما : أنه مبتدأ وساغ هذا في النكرة لأنه مقام تفصيل وخبره { في الجنة } أي : تفضلاً منه ورحمة ، وهم الذين قبلوا الإنذار وبالغوا في الحذار ، ويجوز أن يكون الخبر مقدراً تقديره منهم فريق ، وساغ الابتداء بالنكرة حينئذ لشيئين : تقديم خبرها جاراً ومجروراً ووصفها بالجار بعدها ، والثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر أي : هم أي : المجموعون فريق ، دل على ذلك قوله تعالى : { يوم الجمع } وقوله تعالى : { وفريق في السعير } أي : عدلاً منه فيه ما مر ، وهم الذين خذلهم الله تعالى ووكلهم إلى أنفسهم ، فإن قيل : يوم الجمع يقتضي كون القوم مجتمعين والجمع بين الصنفين محال ؟ أجيب : بأنهم يجتمعون أولاً ثم يصيرون فريقين قال القشيري : كما أنهم في الدنيا فريقان فريق في راحات الطاعات وحلاوات العبادات ، وفريق في ظلمات الشرك وعقوبات الجحد والشك فكذلك غداهم فريقان ، فريق هم أهل اللقاء وفريق هم أهل البلاء والشقاء .
ورى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قابضاً على كفيه ومعه كتابان فقال : أتدرون ما هذان الكتابان ؟ قلنا : لا يا رسول الله فقال : للذي في يده اليمنى : هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب ، وقبل أن يستقروا نطفاً في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون فليس يزاد فيهم ولا ينقص منهم إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة ، ثم قال للذي في يده اليسرى : هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفاً في الأصلاب ، وقبل أن يستقروا نطفاً في الأرحام ، إذ هم في الطينة منجدلون فليس يزاد فيهم ولا ينقص منهم ، إجمال من الله تعالى عليهم إلى يوم القيامة ، فقال عبد الله بن عمرو : ففيم العمل إذن ؟ فقال : اعملوا وسددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أيَّ : عمل ، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أيَّ عمل ثم قال { فريق في الجنة وفريق في السعير } عدل من الله تعالى » أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.