البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} (7)

{ وكذلك } : أي ومثل هذا الإيحاء والقضاء ، إنك لست بوكيل عليهم ، { أوحينا إليك قرآناً عربياً } .

والظاهر أن { قرآناً } مفعول { أوحينا } .

وقال الزمخشري : الكاف مفعول به ، أي أوحيناه إليك ، وهو قرآن عربي لا لبس فيه عليك ، إذ نزل بلسانك . انتهى .

فاستعمل الكاف اسماً في الكلام ، وهو مذهب الأخفش .

{ لتنذر أم القرى } : مكة ، أي أهل أم القرى ، وكذلك المفعول الأول محذوف ، والثاني هو : { يوم الجمع } : أي اجتماع الخلائق ، والمنذر به هو ما يقع في يوم الجمع من الجزاء وانقسام الجمع إلى الفريقين ، أو اجتماع الأرواح بالأجساد ، أو أهل الأرض بأهل السماء ، أو الناس بأعمالهم ، أقوال أربعة .

لينذر بياء الغيبة ، أي لينذر القرآن .

{ لا ريب فيه } : أي لا شك في وقوعه .

وقال الزمخشري : { لا ريب فيه } : اعتراض لا محالة . انتهى .

ولا يظهر أنه اعتراض ، أعني صناعياً ، لأنه لم يقع بين طالب ومطلوب .

وقرأ الجمهور : { فريق } بالرفع فيهما ، أي هم فريق أو منهم فريق .

وقرأ زيد بن عليّ بنصبهما ، أي افترقوا ، فريقاً في كذا ، وفريقاً في كذا ؛ ويدل على الافتراق : الاجتماع المفهوم من يوم الجمع .