{ وَكَذَلِكَ } الإيحاء البديع المبين المفهم { أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي أنزلنا عليك { قُرْآَنًا عَرَبِيًّا } بلسان قومك لا لبس فيه عليك ولا على قومك ، كما أرسلنا كل رسول بلسان قومه { لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى } أي مكة والمراد أهلها { وَمَنْ حَوْلَهَا } من الناس والمفعول الثاني محذوف ، أي لتنذرهم العذاب .
{ وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ } أي بيوم الجمع وهو يوم القيامة لأنه مجمع الخلائق ، وقيل : المراد جمع الأرواح بالأجساد ، وقيل : جمع الظالم والمظلوم ، وقيل جمع العامل والعمل .
{ لَا رَيْبَ فِيهِ } أي لاشك فيه والجملة معترضة مقررة لما قبلها ، أو حال من يوم الجمع { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير } قرأ الجمهور برفع فريق في الموضعين إما على أنه مبتدأ وخبره الجار والمجرور ، وساغ الابتداء بالنكرة لأن المقام مقام تفضيل أو على أن الخبر مقدر قبله ، أي منهم فريق في الجنة ومنهم فريق في السعير ، أو أنه خبر مبتدأ محذوف وهو ضمير عائد إلى المجموعين ، المدلول عليهم بذكر الجمع ، أي هم فريق في الجنة وفريق في السعير وقرئ فريقا بالنصب في الموضعين على الحال من جملة محذوفة ، أي افترقوا حال كونهم كذلك ، وأجاز الفراء والكسائي النصب على تقدير لتنذر فريقا .
وقد أخرج الترمذي وصححه ، وأحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال : ( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال : أتدرون ما هذان الكتابان ؟ قلنا لا إلا أن تخبرنا يا رسول الله قال للذي في يده اليمنى : هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ، ثم قال للذي في شماله هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا فقال أصحابه ففيم العمل يا رسول الله ؟ إن كان أمر قد فرغ منه ، فقال سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة ، وإن عمل أي عمل ، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أي عمل .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما ، ثم قال : فرغ ربكم من العباد ، فريق في الجنة وفريق في السعير ) .
قال الترمذي بعد إخراجه : هذا حديث حسن صحيح غريب ، وروى ابن جرير طرفا منه عن ابن عمرو " موقوفا عليه " ، قال ابن جرير وهذا الموقوف أشبه بالصواب ، قلت بل المرفوع أشبه بالصواب ، فقد رفعه الثقة ورفعه زيادة ثابتة من وجه صحيح ، ويقوي الرفع ما أخرجه ابن مردويه عن البراء قال . ( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتاب ينظر فيه قالوا انظروا إليه كيف هو أمي لا يقرأ ؟ قال فعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة ، وأسماء قبائلهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ، وقال { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ } فرغ ربكم من أعمال العباد ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.