إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} (7)

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً } ذلكَ إشارةٌ إلى مصدر أَوْحَينا ومحلُّ الكافِ النصبُ على المصدريةِ ، وقرآنا عربياً مفعول لأوحينَا أي ومثلَ ذلكَ الإيحاءِ البديعِ البيِّنِ المفُهم أَوْحينا إليكَ قرآناً عربياً لا لَبْسَ فيه عليكَ ولا على قومكَ ، وقيلَ : إشارةٌ إلى مَعْنى الآيةِ المتقدمةِ من أنَّه تعالى هُو الحفيظُ عليهم وإنما أنتَ نذيرٌ فحسب ، فالكافُ مفعولٌ به لأَوحينا ، وقرآناً عربياً حالٌ من المفعولِ بِه أيْ أوحيناهُ إليكَ وهو قرآنٌ عربيٌّ بيِّنٌ . { لتُنذِرَ أُمَّ القرى } أيْ أهلَها وهيَ مكةُ { وَمَنْ حَوْلَهَا } من العربِ { وَتُنذِرَ يَوْمَ الجمع } أي يومَ القيامةِ لأنه يُجمعُ فيه الخلائقُ قال تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجمع }[ سورة التغابن ، الآية 9 ] وقيلَ : تُجمعُ فيه الأرواحُ والأشباحُ ، وقيلَ : الأعمالُ والعُمالُ . والإنذارُ يتعدَّى إلى مفعولينِ ، وقد يستعملُ ثانيهما بالباءِ ، وقد حُذفَ هنها ثانِي مفعولَيْ الأولِ وأولُ مفعولَيْ الثَّانِي للتهويلِ وإيهامِ التعميمِ . وقُرِئ لينذرَ بالياءِ على أنَّ فاعلَهُ ضميرُ القرآنِ . { لاَ رَيْبَ فِيهِ } اعتراضٌ مقررٌ لما قبلَهُ { فَرِيقٌ فِي الجنة وَفَرِيقٌ فِي السعير } أي بعدَ جمعِهم في الموقفِ فإنَّهم يُجمعونَ فيه أولاً ثمَّ يفرقونَ بعد الحسابِ ، والتقديرُ منهمُ فريقٌ والضميرُ للمجموعينَ لدلالةِ الجمعِ عليهِ وقِرِئَا منصوبينِ على الحاليةِ منهُم أيْ وتنذرَ يومَ جمعِهم متفرقين أي مشارفينَ للتفرقَ أو متفرقينَ في دارَيْ الثوابِ والعقابِ .