صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

{ فسبح بحمد ربك } فنزهه عما لا يليق به ، بكل ذكر يدل على التنزيه ، حامدا له على أن صدق وعده زيادة في عبادته والثناء عليه ، لزيادة إنعامه عليك . أو فصّل له تعالى حامدا على نعمه . و " إذا " منصوب ب " سبح " ، والفاء غير مانعة منه على ما عليه الجمهور . { واستغفره } اطلب مغفرته ؛ وأمره به ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان دائم الترقي ؛ فإذا ترقى إلى مرتبة استغفر لما دونها . أو استغفاره مما هو خلاف الأولى في نظره الشريف . أو لتعليم أمته . أو مما كان يعرض له بمقتضى البشرية من الضجر والقلق عند إعراض قومه عنه ، وإبائهم السماع والقبول منه ، وإبطاء نصر الله له ، وللحق الذي جاء به . وقال القرطبي : إنه عليه الصلاة والسلام كان يستقصر نفسه لعظم ما أنعم الله به عليه ، ويرى قصوره عن القيام بحق ذلك ذنوبا فيستغفر منها . وقيل : الاستغفار تعبد يجب إتيانه في ذاته لا للمغفرة ؛ فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . { إنه كان توابا } كثير القبول لتوبة كثير من عباده التائبين . والجملة تعليل لما قبلها . وأخرج الإمام أحمد من حديث ابن عباس : " من أكثر من الاستغفار جعل الله تعالى له من كل هم فرجا " . وأنا أقول كما قال العلامة الآلوسي هنا : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله تعالى وأتوب إليه . وأسأله أن يجعل لي من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ؛ بحرمة كتابه الكريم ، وسيد أحبابه العظيم ، صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

فأمر رسوله أن يشكر ربه على ذلك ، ويسبح بحمده ويستغفره ، وأما الإشارة ، فإن في ذلك إشارتين : إشارة لأن يستمر النصر لهذا الدين{[1488]} ، ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره من رسوله ، فإن هذا من الشكر ، والله يقول : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } ، وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين ، وبعدهم في هذه الأمة لم يزل نصر الله مستمرًا ، حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان ، ودخل فيه ، ما لم يدخل في غيره ، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث ، فابتلاهم{[1489]} الله  بتفرق الكلمة ، وتشتت الأمر ، فحصل ما حصل .

[ ومع هذا ] فلهذه الأمة ، وهذا الدين ، من رحمة الله ولطفه ، ما لا يخطر بالبال ، أو يدور في الخيال .

وأما الإشارة الثانية ، فهي الإشارة إلى أن أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرب ودنا ، ووجه ذلك أن عمره عمر فاضل ، أقسم الله به .

وقد عهد أن الأمور الفاضلة تختم بالاستغفار ، كالصلاة والحج ، وغير ذلك .

فأمر الله لرسوله بالحمد والاستغفار في هذه الحال ، إشارة إلى أن أجله قد انتهى ، فليستعد ويتهيأ للقاء ربه ، ويختم عمره بأفضل ما يجده صلوات الله وسلامه عليه .

فكان صلى الله عليه وسلم يتأول القرآن ، ويقول ذلك في صلاته ، يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي " .


[1488]:- في ب: إشارة أن النصر يستمر للدين.
[1489]:- في ب: فابتلوا.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

قوله : { فسبح بحمد ربك واستغفره } فسبح ، من التسبيح وهو التنزيه . أي نزهه عما لا يليق بكماله من الصفات { واستغفره } أي سله الغفران { إنه كان توابا } الله تواب رحيم ، يستر على التائبين المستغفرين ذنوبهم وسيئاتهم . وقد روي عن عائشة ( رضي الله عنها ) قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت : " سبحانك الله وبحمدك ، أستغفرك وأتوب إليك " {[4874]} .


[4874]:الكشاف جـ 4 ص 294 وتفسير القرطبي جـ 20 ص 231.