{ فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً } يعني فإنك حينئذ لاحق به . ( ق ) عن ابن عباس : قال : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر ، فقال بعضهم : لم يدخل هذا الفتى معنا ، ولنا أبناء مثله ؟ فقال : إنه ممن قد علمتم . قال : فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم . قال : وما رأيت أنه كان دعاني يومئذ إلا ليريهم مني . قال : ما تقولون في قول الله تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح } حتى ختم السورة ؟ فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ، ونستغفره إذ نصرنا ، وفتح علينا ، وسكت بعضهم فلم يقل شيئا . فقال لي : أكذلك تقول يا ابن عباس ؟ قال : قلت : لا . قال : فما هو ؟ قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه ، فقال { إذا جاء نصر الله والفتح } ، فذلك علامة أجلك { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم . ( ق ) عن عائشة قالت : " ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن أنزلت عليه { إذا جاء نصر الله والفتح } إلا يقول فيها : " سبحانك ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " . في رواية قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي " يتأول القرآن ، وفي رواية قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر القول من سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه . وقال : " أخبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي . فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله وأتوب إليه . قد رأيتها { إذا جاء نصر الله والفتح } فتح مكة ، { ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } " . قال ابن عباس : لما نزلت هذه السورة علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه نعيت إليه نفسه .
وقال الحسن : أعلم أنه قد اقترب أجله ، فأمر بالتسبيح والتوبة ، ليختم بالزيادة في العمل الصالح . قيل : عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة سنتين ، وقيل في معنى السورة : { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } فاشتغل أنت بالتسبيح والتحميد ، والاستغفار ، فالاشتغال بهذه الطاعة يصير سببا لمزيد درجاتك في الدنيا والآخرة .
وفي معنى التسبيح وجهان : أحدهما نزه ربك عما لا يليق بجلاله ، ثم احمده .
والثاني فصل لربك ؛ لأن التسبيح جزء من أجزاء الصلاة ، ثم قيل : عني به صلاة الشكر ، وهو ما صلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ثماني ركعات .
وقيل : هي صلاة الضحى . وفي الآية دليل على فضيلة التسبيح والتحميد ، حيث جعل ذلك كافيا في أداء ما وجب عليه من شكر نعمة النصر والفتح .
فإن قلت : ما معنى هذا الاستغفار ، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ؟
قلت : إنه تعبد الله بذلك ليقتدي به غيره ؛ إذ لا يأمن كل واحد من نقص يقع في عبادته واجتهاده ، ففيه تنبيه على أن النبي صلى الله عليه وسلم مع عصمته وشدة اجتهاده ما كان يستغني عن الاستغفار ، فكيف بمن هو دونه ؟ وقيل : هو ترك الأفضل والأولى لا عن ذنب صدر منه صلى الله عليه وسلم . وعلى قول من جوز الصغائر على الأنبياء يكون المعنى : واستغفره لما عسى أن يكون قد وقع من تلك الأمور منه . وقيل : المراد منه الاستغفار لذنوب أمته ، وهذا ظاهر ؛ لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله{ واستغفر لذنبك ، وللمؤمنين ، والمؤمنات } والله سبحانه وتعالى أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.