صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

{ يوم نقول لجهنم هل امتلأت } وهذا استفهام تحقيق وذلك أن الله عز وجل وعدها أن يملأها فلما ملأها قال لها { هل امتلأت وتقول هل من مزيد } أي هل بقي في موضع لم يمتلىء أي قد امتلأت

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

قوله تعالى : " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد " قرأ نافع وأبو بكر " يوم يقول " بالياء اعتبارا بقوله : " لا تختصموا لدي " . الباقون بالنون على الخطاب من الله تعالى وهي نون العظمة{[14176]} . وقرأ الحسن " يوم أقول " . وعن ابن مسعود وغيره " يوم يقال " . وانتصب " يوم " علي معنى ما يبدل القول لدي يوم . وقيل : بفعل مقدر معناه : وأنذرهم " يوم نقول لجهنم هل امتلأت " لما سبق من وعده إياها أنه يملؤها . وهذا الاستفهام على سبيل التصديق لخبره ، والتحقيق لوعده ، والتقريع لأعدائه ، والتنبيه لجميع عباده . " وتقول " جهنم " هل من مزيد " أي ما بقي في موضع للزيادة ، كقوله عليه السلام : ( هل ترك لنا عقيل من ربع أومنزل ) أي ما ترك ، بمعنى الكلام الجحد . ويحتمل أن يكون استفهاما بمعنى الاستزادة ، أي هل من مزيد فأزداد ؟ وإنما صلح هذا للوجهين ؛ لأن في الاستفهام ضربا من الجحد . وقيل : ليس ثم قول وإنما هو على طريق ، المثل ، أي إنها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة بذلك ، كما قال الشاعر :

امتلأَ الحوض وقال قَطْنِي *** مهلاً رُوِيْداً قد ملأتَ بَطْنِي

وهذا تفسير مجاهد وغيره . أي هل في من مسلك قد امتلأت . وقيل : ينطق الله النار حتى تقول هذا كما تنطق الجوارح . وهذا أصح على ما بيناه في سورة " الفرقان{[14177]} " وفي صحيح مسلم والبخاري والترمذي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي{[14178]} بعضها إلى بعض وتقول : قط قط بعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة ) لفظ مسلم . وفي رواية أخرى من حديث أبي هريرة : ( وأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله عليها رجله يقول لها قط قط ، فهنالك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض فلا يظلم الله من خلقه أحدا ، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا ) .

قال علماؤنا رحمهم الله : أما معنى القدم هنا فهم قوم يقدمهم الله إلى النار ، وقد سبق في علمه أنهم من أهل النار . وكذلك الرجل وهو العدد الكثير من الناس وغيرهم ، يقال :رأيت رِجْلا من الناس ورِجْلا من جراد ، فال الشاعر :

فَمَرّ بنا رِجْلٌ من الناس وانزَوَى *** إليهم من الحي اليماني أَرْجُلُ

قبائلُ من لَخْمٍ وعُكْلٍ وحِمْيَرٍ *** على ابني نِزَارٍ بالعداوة أَحْفَلُ

وبين هذا المعنى ما روي عن ابن مسعود أنه قال : ما في النار بيت ولا سلسلة ولا مقمع ولا تابوت إلا وعليه اسم صاحبه ، فكل واحد من الخزنة ينتظر صاحبه الذي قد عرف اسمه وصفته ، فإذا استوفى كل واحد منهم{[14179]} ما أمر به وما ينتظره ولم يبق منهم أحد قال الخزنة : قط قط حسبنا حسبنا ! أي اكتفينا اكتفينا ، وحينئذ تنزوي جهنم على من فيها وتنطبق إذ لم يبق أحد ينتظر . فعبر عن ذلك الجمع المنتظر بالرجل والقدم ، ويشهد لهذا التأويل قوله في نفس الحديث : ( ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة ) وقد زدنا هذا المعنى بيانا ومهدناه في كتاب الأسماء والصفات من الكتاب الأسنى والحمد لله . وقال النضر بن شميل في معنى قوله عليه السلام : ( حتى يضع الجبار فيها قدمه ) أي من سبق في علمه أنه من أهل النار .


[14176]:في ن، هـ: "التعظيم".
[14177]:راجع جـ 13 ص 10.
[14178]:ينزوي بعضها إلى بعض: أي تنقبض على من فيها، وتشتغل بعذابهم، وتكف عن سؤال هل من مزيد. (هامش مسلم).
[14179]:الزيادة من ن.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

ولما كان هذا التقاول مما يهول أمره ويقلع القلوب ذكره ، صور وقته بصورة تزيد في ذلك الهول ، وينقطع دون وصفها القول ، ولا يطمع في الخلاص منها بقوة ولا حول ، فقال ما معناه : يكون-{[61218]} هذا كله { يوم } ولما كان المقصود الإعلام بأن النار كبيرة مع ضيقها ، فهي تسع من الخلائق ما لا يقع{[61219]} تحت حصر ، وأنها مع كراهتها لمن يصلاها وتجهمها لهم تحب تهافتهم فيها وجلبهم{[61220]} إليها عبر عنه على طريق الكناية بقوله : { نقول } أي على ما لنا من العظمة التي لا-{[61221]} يسوغ لشيء{[61222]} أن يخفى عنها { لجهنم } دار العذاب مع الكراهة والعبوسة والتجهم إظهاراً للهول بتصوير الأمر المهدد به ، وتقريع الكفار ، وتنبيه من يسمع هذا الخبر عن هذا السؤال من الغفلة : { هل امتلأت } فصدق قولنا

{ لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين }[ هود : 119 ] وذلك بعد أن يلقى فيها من الخلائق ما لا يحيط به الوصف ، فتقول : لا ، { وتقول } طاعة لله ومحبة في عذاب أعدائه وإخباراً بأنها لم تمتلىء لأن النار من شأنها أنها كلما زيدت حطباً زادت لهباً : { هل من مزيد * } أي زيادة أو شيء من العصاة إزادة ، سواء {[61223]}كان كثيراً أو قليلاً{[61224]} ، فإني أسع ما يؤتى به إليّ ولا تزال كذلك كما ورد في الحديث " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع الجبار فيها قدمه " أي يضربها من جبروته بسوط إهانة فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط وعزتك ، ثم يستمرون بين دولتي الحر والزمهرير ، وقد جعل الله سبحانه لذلك آية في هذه الدار باختلاف الزمان في الحر والبرد ، فإذا أفرط الحر جاءت رحمته تعالى بالبرد وبالماء من السماء فامتزجا معاً فكان التوسط ، وإذا أفرط البرد جاءت رحمته-{[61225]} بالحر بواسطة الشمس ، فامتزج الموجدان ، فكان له توسط ، وكل ذلك له-{[61226]} دوائر موزونة بأقساط مقسطة معلومة بتقدير العزيز العليم - ذكر ذلك ابن برجان .


[61218]:زيد من مد.
[61219]:في مد: يدخل.
[61220]:من مد، وفي الأصل: حبلهم.
[61221]:زيد من مد.
[61222]:من مد، وفي الأصل: منها.
[61223]:من مد، وفي الأصل: قليلا أم كثيرا.
[61224]:من مد، وفي الأصل: قليلا أم كثيرا.
[61225]:زيد من مد.
[61226]:زيد من مد.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

قوله تعالى : { يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد 30 وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد 31 هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ 32 من خشي الرحمان بالغيب وجاء بقلب منيب 33 ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود 34 لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد } .

قوله : { يوم نقول لجهنم هل امتلأت } { يوم } منصوب بفعل مقدر ، أي وأنذرهم { يوم نقول لجهنم هل امتلأت } وذلك أن جهنم موعودة من الله أن يملأها من أعدائه الجاحدين . والنار بتوقدها المتسعّر ولظاها المتأجج المضطرم دائمة التغيظ من الجاحدين المكذبين فهي تتربص بهم لالتهامهم وتحريقهم . وهي كلما ألقمت فوجا من العصاة المكذبين استزادت وهتفت { وتقول هل من مزيد } .