غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

1

{ يوم نقول } منصوب ب { ظلام } أو ب " أذكر " قال أهل المعاني : سؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تقرير المعنى في النفس . وقوله { هل من مزيد } أي من زيادة ، أو هو اسم مفعول كالمبيع ليبان استكثار الداخلين كما أن من يضرب غيره ضرباً مبرحاً أو شتمه شتماً فاحشاً يقول له المضروب : هل بقي شيء آخر يدل عليه قوله سبحانه { لأملأن جهنم } فلا بدّ أن يحصل الامتلاء فكيف يبقى في جهنم موضع خال حتى تطلب المزيد ؟ ويحتمل أنها تطلب الزيادة بعد امتلائها غيظاً على العصاة وتضيقاً للمكان عليهم ، أو لعل هذا الكلام يقع قبل إدخال الكل .

وفيه لطيفة وهي أن جهنم تغيظ على الكفار فتطلبهم ، ثم يبقى فيها موضع لعصاة المسلمين فتطلب الامتلاء من الكفار كيلا ينقص إيمان العاصي حرها ، فإذا أدخل العصاة النار سكن غيظها وسكن غضبها وعند هذا يصح ما ورد في الأخبار ، وإن جهنم تطلب الزيادة حتى يضع الجبار فيها قدمه والمؤمن جبار يتكبر على ما سوى الله تعالى ذليل متواضع لله . وروي أنه لا يلقى فيها فوج إلا ذهب ولا يملؤها شيء فتقول : قد أقسمت لتملأني فيضع تعالى فيها قدمه أي ما قدّمه في قوله " سبقت رحمتي غضبي " أي يضع رحمته فتقول : قط قط ويزوي بعضها إلى بعض ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله خلقاً فيسكنون فضول الجنة . قلت : لا ريب أن جهنم الحرص والشهوة والغضب لا تقر ولا تسكن ولا تنتهي إلى حدّ معلوم ، بل تقول دائماً بلسان الحال هل من مزيد إلا أن يفيض الله سبحانه عليها من سجال هدايته ورحمته فيتنبه صاحبها وينتهي عن طلب الفضول ويقف في حدّ معين ويقنع بما تيسر .

/خ45