الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِيدٖ} (30)

ثم قال : { يوم يقول لجهنم هل امتلأت {[64849]} وتقول هل من مزيد } [ 30 ] أي : يوم {[64850]} يقول لجهنم هل امتلأت لما سبق من وعيده في قوله : { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } {[64851]} وذلك قوله يوم القيامة . وقوله : { وتقول هل من مزيد } .

قال ابن عباس : إن الله {[64852]} قد سبقت كلمته لأملأن {[64853]} جهنم {[64854]} من الجنة والناس أجمعين ، فلما بعث الناس يوم القيامة ، وسيق أعداء الله إلى النار زمرا ، جعلوا يقتحمون في جهنم فوجا ، لا يلقى في جهنم فوج إلا ذهب فيها لا يملؤها شيء فقالت : ألست [ قد ] {[64855]} أقسمت لتملأني من الجنة والناس أجمعين ، قال : فوضع قدمه عليها ، فقالت حين وضع قدمه عليها : [ قد امتلأت فليس من مزيد ولم يكن يملؤها شيء حتى وجدت مس ما وضع عليها ] {[64856]} فتضايقت حين جعل عليها ما جعل فامتلأت فما فيها موضع إبرة {[64857]} {[64858]} .

قال مجاهد : وتقول {[64859]} هل من مزيد ، قال : وعدها ليملأنها فقال هلا وفيتك ( قالت وهل من مسلك {[64860]} ) ، فمعنى { هل من مزيد } ما من مزيد على هذين القولين {[64861]} .

وحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له بمكة : ألا تنزل دارا من دورك فقال : " وهل ترك لنا من دار {[64862]} " أي : ما ترك لنا دارا حين {[64863]} باعها وقت {[64864]} . الهجرة فالتقدير : هل من مسلك ( وقد امتلأت {[64865]} ) . فلا زيادة فيَّ .

وقال أنس بن مالك : يلقي في جهنم وتقول هل من مزيد ؛ أي : زدني ثلاثا ، حتى يضع قدمه فيها {[64866]} فتنزوي {[64867]} بعضها إلى بعض فتقول : قظ ثلاثا ، وهو قول ابن زيد {[64868]} .

فمعنى { هل من مزيد } على هذين القولين : زدني ، تسأله أن يزيد فيها من الخلق ، وعلى {[64869]} . القولين الأولين : لا مزيد في قد امتلأت ، فلا موضع لأحد في وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تزال جهنم تقول هل من مزيد فيقوم رب العالمين فيجعل قدمه فيها فتقول قط قط " .

ومعنى قدمه : أي : من تقدم في علمه أنه يدخله النار ، ومنه قوله تعالى { وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم {[64870]} } [ أي ] {[64871]} سابقة خير .

ومن روى الحديث : " حتى يضع الجبار فيها قدمه " احتمل التفسير الأول ، أي : حتى يضع {[64872]} لها من تقدم في علمنه أنه يدخل النار ، ويحتمل أن يكون/المعنى : حتى يضع الجبارون المتكبرون على الله فيها أقدامهم بأجمعهم ، والواحد يدل على الجمع {[64873]} .

وقال {[64874]} أبو هريرة : " اختصمت الجنة والنار ، فقالت : الجنة ما لي إنما يدخلني فقراء المسلمين وسقاطهم ، وقالت النار : ما لي {[64875]} إنما يدخلني الجبارون والمتكبرون " .

فقال تعالى ذكره {[64876]} : أنت رحمتي أصيب بك من أشاء [ وأنت عذابي أصيب به من أشاء ] {[64877]} ولكل واحدة منكما ملؤها ، فأما الجنة الله ينشىء لها من خلقه ما شاء ، وأما النار فيلقون فيها فتقول هل من مزيد ويلقون فيها فتقول {[64878]} هل من مزيد ، حتى يضع فيها قدمه ، فهناك تملأ وتنزوي {[64879]} بعضها إلى بعض وتقول : قط قط {[64880]} .


[64849]:ح: "امتلئت".
[64850]:ح: "في يوم".
[64851]:هود: 118.
[64852]:ع: "إن الله الملك".
[64853]:ح: لأملئن".
[64854]:ساقط من ع.
[64855]:ساقط من ح.
[64856]:ساقط من ح.
[64857]:ع: "ابرات".
[64858]:انظر: جامع البيان 26/105.
[64859]:ع : "تقول".
[64860]:ع: "وقال وهل من مسالك" وهو تحريف.
[64861]:انظر: تفسير مجاهد 615، وجامع البيان 26/105.
[64862]:أخرجه مسلم في كتاب: الحج 4/108، وأبو داود 3/125 (رقم 2910)، وأبو نعيم في دلائل النبوة 1/271 (رقم 204)، عند حديثه عن قصة دخول بني هاشم شعب أبي طالب لما تحالفت قريش على أن لا يبايعوا بني هاشم ولا يناكحوهم ولا يخالطوهم وما في ذلك من دلالته على نبوته.
[64863]:ح: "حتى".
[64864]:ح: "وقالت" وهو تحريف.
[64865]:ع: "أي قد امتلأت".
[64866]:ع: "فيها قدمه".
[64867]:ع: "فينزوي".
[64868]:انظر: جامع البيان 26/105 – 107، الدر المنثور 7/602. والحديث أخرجه البخاري في كتاب: التفسير، من حديث أبي هريرة في تفسير سورة ق، باب: وتقول هل من مزيد 6/47، وفي كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى {هو العزيز الحكيم} 8/167، وفي كتاب: "الأيمان والنذور". باب: الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته 7/224. وأخرجه مسلم، باب: جهنم برواية عبد الوهاب بن عطاء، 17/184 والدارمي في السنن، كتاب الرقائق، باب: قول الله تعالى {هل من مزيد} 2/341، والبغوي في شرح السنة 1/169. وانظر: تحفة الأشراف 1/298.
[64869]:ح: "على".
[64870]:يونس: 2.
[64871]:ساقط من ح.
[64872]:ع: "يضع لها فيها".
[64873]:ح: "الجميع".
[64874]:ع: قال.
[64875]:ساقط من ع.
[64876]:ساقط من ع.
[64877]:ساقط من ح.
[64878]:ع: "وتقول".
[64879]:ع: "وينزوي".
[64880]:أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: النار يدخلها الجبار والجنة يدخلها الضعفاء 17/180، وانظر: تحفة الأشراف للمزي (رقم 14453). وهو في تفسير النسائي 2/328، وابن كثير 4/228، والدر المنثور 7/602.