صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{رُدُّوهَا عَلَيَّۖ فَطَفِقَ مَسۡحَۢا بِٱلسُّوقِ وَٱلۡأَعۡنَاقِ} (33)

{ ردوها علي } أي أعيدوا عرض الخير مرة أخرى . { فطفق مسحا بالسوق والأعناق } أي شرع يضرب سوقها وأعناقها بالسيف قربة لله تعالى ؛ وكان تقريب الخيل مشروعا في شريعته .

وقيل : المراد بالمسح وسمها لتعرف أنها خيل محبوسة في سبيل الله . وقال الإمام في تفسير الآية : إن رباط الخيل كان مندوبا إليه في شريعتهم ، كم هو مندوب في شريعتنا ؛ ثم إن سليمان احتاج إلى الجهاد ، فأمر بإحضار الخيل وإعدائها ، قال ، إني أحبها لأجل الدنيا وحظّ النفس ، وإنما أحبها لأمر الله وتقوية دينه ؛ وهو المراد لقوله : " عن ذكر ربي " . ثم أمر باعدائها حتى توارت بالحجاب ، ثم بردّها إليه ؛ فلما عادت إليه طفق يمسح سوقها وأعناقها ، عناية بها لكونها من أعظم عدد الجهاد ، وإعلاما بأن من الحزم مباشرة الوالي الأمور بنفسه كلما استطاع ؛ لأنه كان أعلم الناس بأحوال الخيل ومحاسنها ، وعيوبها وأمراضها ، فكان يمسحها حتى يعلم هل فيها ما يدل على المرض . وقال : إن هذا هو الذي ينطبق عليه لفظ القرآن ، ولا يترتب عليه شيء من المحظورات . اه ملخّصا . ونقل الآلوسي عن الشعراني نحوه ، ثم بعد أن ناقش هذا التفسير قال : إنه وجه ممكن في الآية على بعد ، إذا قطع النظر عن الأخبار المأثورة .