صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ} (29)

{ ومن آياته خلق السموات . . } أي ومن الآيات الدالة على كمال قدرته الموجبة لتوحيده ، وتصديق ما وعد به من البعث : خلق السموات والأرض على هذه الصورة العجيبة والنظام المحكم .

{ وما بث فيهما من دابة } أي وما خلق ما فرق ونشر فيهما من دواب . والدابة اسم لكل ما دب على وجه الأرض أو غيرها . وظاهره وجود دواب في السموات . وجوزه الزمخشري فقال : يجوز أن يكون للملائكة مشي مع الطيران ؛ فيصفون بالدبيب كما يوصف الحيوان ، وأن يخلق الله في السموات حيوانات يمشون فيها مشى الحيوانات في الأرض . وقال الفراء : أراد ما بث في الأرض دون السماء ، وهو من نسبة ما في أحد الشيئين إليهما جميعا ؛ إذ يصدق أنه فيهما وإن كان في أحدهما ، على نمط قوله تعالى : " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " {[307]} وهما إنما يخرجان من الملح . ومن قبيل : بنو تميم فيهم شاعر مجيد ؛ وإنما هو في فخذ من أفخاذهم .


[307]:آية 22 الرحمان.