فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٖۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٞ} (29)

ذكر سبحانه بعض آياته الدالة على كمال قدرته الموجبة لتوحيده ، وصدق ما وعد به من البعث ، فقال : { وَمِنْ ءاياته خَلْقُ السموات والأرض } أي : خلقهما على هذه الكيفية العجيبة ، والصنعة الغريبة { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ } يجوز عطفه على خلق ، ويجوز عطفه على السماوات ، والدابة اسم لكل ما دبّ . قال الفراء : أراد ما بثّ في الأرض دون السماء كقوله : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ الرحمن : 22 ] ، وإنما يخرج من الملح دون العذب . وقال أبو عليّ الفارسي : تقديره وما بثّ في أحدهما ، فحذف المضاف . قال مجاهد : يدخل في هذا الملائكة والناس ، وقد قال تعالى : { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ النمل : 8 ] { وَهُوَ على جَمْعِهِمْ } أي حشرهم يوم القيامة { إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ } ، الظرف متعلق بجمعهم لا بقدير قال أبو البقاء : لأن ذلك يؤدي ، وهو على جمعهم قدير إذا يشاء ، فتتعلق القدرة بالمشيئة ، وهو محال ، قال شهاب الدين : ولا أدري ما وجه كونه محالاً على مذهب أهل السنّة . فإن كان يقول بقول المعتزلة ، وهو : أن القدرة تتعلق بما لم يشأ الله مشى كلامه ، ولكنه مذهب رديء لا يجوز اعتقاده .