الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِذۡ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ عِمۡرَٰنَ رَبِّ إِنِّي نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِي بَطۡنِي مُحَرَّرٗا فَتَقَبَّلۡ مِنِّيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (35)

قوله : ( اِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ ) الآية [ 35-40 ] .

المعنى سميع عليم إذ قالت( {[9779]} ) .

وقيل : واذكر إذ قالت( {[9780]} ) .

وقال أبو عبيدة( {[9781]} ) : ( اِذْ ) زائدة( {[9782]} ) ، وأنكر ذلك جماعة النحويين( {[9783]} ) .

وقال الزجاج : المعنى : اصطفى آل عمران إذ قالت( {[9784]} ) .

واسم امرأة عمران حنة ، وزكريا هو ابن آذر ، وعمران هو ابن ماتان وكلاهما من ولد داود النبي من سبط يهود بن يعقوب صلى الله عليهم( {[9785]} ) وسلم أجمعين .

وذلك أن زكريا وعمران تزوجا اختين ، فكانت أم مريم عند عمران ، وأم يحيى عند زكريا ، فهلك عمران ، وأم مريم حامل بها وكانت في حياة عمران قد أمسك عنها الولد حتى يبست( {[9786]} ) ، وكانوا أهل بيت [ لهم( {[9787]} ) ] عند الله مكان( {[9788]} ) ، فبينا( {[9789]} ) هي ذات يوم في ظل شجرة نظرت إلى طائر يطعم فرخاً ، فتحركت له( {[9790]} ) نفسها للولد ، فدعت الله( {[9791]} ) أن يهب لها ولداً ، فحملت ثم مات عمران ، فلما علمت أن في بطنها جنيناً حسبته ذكراً فنذرته ليكون حبيساً لخدمة الكنيسة( {[9792]} ) ، وقيل( {[9793]} ) : خدمة بيت المقدس .

قال الكلبي( {[9794]} ) : لما وضعتها لفتها في خرقتها ثم أرسلت بها إلى بيت المقدس ، فوضعتها فيه ، فتنافست الأحبار بنو هارون .

فقال زكرياء : أنا أحقكم بها عندي خالتها ، فذروها لي .

فقال الأحبار : لو تركت لأفقر الناس إليها لتركت لأمها ، ولكنا نقترع عليها ، فاقترعوا عليها بأقلامهم [ التي ]( {[9795]} ) . يكتبون بها الوحي ، فقرعهم زكريا عليه السلام ، واسترضع لها حتى شبت بنى لها محراباً في المسجد على الباب فلا يرقى إليها( {[9796]} ) إلا بِسلم( {[9797]} ) .

ومعنى ( مُحَرَّراً ) عتيقاً لعبادتك لا ينتفع به لشيء من أمور الدنيا( {[9798]} ) .

وقال مجاهد " محرراً خادماً للكنيسة( {[9799]} ) .

ونصب ( مُحَرَّراً ) على أنه نعت لمفعول محذوف أي : غلاماً محرراً( {[9800]} ) .


[9779]:- انظر: مشكل الإعراب 1/156 والبيان في غريب الإعراب 1/200.
[9780]:- انظر: معاني الأخفش 1/406.
[9781]:- هو أبو عبيدة معمر بن المثنى توفي 210 هـ عالم باللغة والأدب أخذ عن أبي عمرو ويونس بن حبيب انظر: طبقات الزبيدي 175 وإنباه الرواة 3/286، وإشارة التعيين 350.
[9782]:- قال أبو عبيدة معناها: قالت امرأة عمران أسقط (اِذْ) في الشرح ففهم أنه يقول بزيادتها. انظر: مجاز القرآن 1/90.
[9783]:- إن "إذ" تدل على ما مضى من الزمن فكيف تكون لغواً؟ انظر: معاني الزجاج 1/400 وإعراب النحاس 1/324 والمحرر 3/63 ومجمع البيان 3/235.
[9784]:- انظر: معاني الزجاج 1/400.
[9785]:- (أ) و(ج): عليه.
[9786]:- كذا في كل النسخ ورواية الطبري حتى أسنت. انظر: جامع البيان 3/235.
[9787]:- ساقط من (أ).
[9788]:- مكاناً وهو خطأ.
[9789]:- (ج): فبينما.
[9790]:- كذا في كل النسخ والصواب حذف كلمة له.
[9791]:- (أ) و(ج): الهلها.
[9792]:- انظر: جامع البيان 3/235.
[9793]:- عزاه الطبري لعكرمة، انظر: جامع البيان 3/237.
[9794]:- هو محمد بن السائب الكلبي توفي 146 هـ، ترجع شهرته إلى أنه عالم بالأنساب ومؤرخ، انظر: المعارف 233 وميزان الاعتدال 3/61.
[9795]:- ساقط من (أ) و(ج).
[9796]:- (د): لها.
[9797]:- انظر: جامع البيان 3/241-243 وإعراب النحاس 1/324.
[9798]:- انظر: مجاز القرآن 1/90، وتفسير الغريب 103.
[9799]:- تفسير مجاهد 1/125.
[9800]:- ذهب الأخفش إلى أن (مُحَرَّراً) حال، انظر: معاني الأخفش 1/203 وهو ما رجح النحاس في إعرابه 1/324، وأما كونها نعتاً فلا يجوز إقامة النعت مقام المنعوت، وقد انتقد النحاس وابن عطية هذا الإعراب، انظر: إعراب النحاس 1/324، والمحرر 3/64.