غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِذۡ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ عِمۡرَٰنَ رَبِّ إِنِّي نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِي بَطۡنِي مُحَرَّرٗا فَتَقَبَّلۡ مِنِّيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (35)

35

التفسير : إنه سبحانه ذكر في هذا المقام قصصاً . القصة الأولى حنة أم مريم البتول زوجة ابن عمران بن ماثان بنت فاقوذ أخت إيشاع التي كانت تحت زكريا بن أذن . روي أن حنة كانت عاقراً لم تلد إلى أن كبرت وعجزت . فبينما هي في ظل شجرة بصرت بطائر يطعم فرخاً له ، فتحركت نفسها للولد وتمنته فقالت : اللهم إن لك عليّ نذراً شكراً إن رزقتني ولداً أن أتصدق به على بيت المقدس فيكون من سدنته وخدمته . فحملت بمريم وهلك عمران وهي حامل . قال الحسن : إنما فعلت ذلك بإلهام الله تعالى كما ألهم أم موسى فقذفته في أليم . عن الشعبي : محرراً مخلصاً للعبادة . وتحرير العبد تخليصه من الرق ، وحررت الكتاب إذا أصلحته وخلص من الغلط ، ورجل حر إذا كان خالصاً لنفسه ليس لأحد عليه يد وتصرف . قال الأصم : لم يكن لبني إسرائيل غنيمة ولا سبي ، وكان في دينهم أن الولد إذا صار بحيث يمكن استخدامه كان يجب عليه خدمة الأبوين .

فكانوا بالنذر يتركون ذلك النوع عن الانتفاع ويجعلون الأولاد محررين لخدمة المسجد وطاعة الله تعالى ، حتى إذا بلغ الحلم كان مخيراً . فإن أبى المقام وأراد أن يذهب ذهب ، وإن اختار المقام فلا خيار له بعد ذلك . ولم يكن نبي إلا ومن نسله محرر في بيت المقدس ، وما كان هذا التحرير إلا في الغلمان . لأن الجارية يصيبها الحيض والقذر ، ثم إنها نذرت مطلقاً إما لبناء الأمر على الفرض والتقدير ، وإما لأنها جعلت النذر وسيلة إلى طلب الولد الذكر . { محرراً } حال من " ما " . وعن ابن قتيبة : المعنى نذرت لك أن أجعل ما في بطني محرراً . فلما وضعتها يعني ما في بطنها لأنها كانت أنثى في علم الله ، أو على تأويل النفس أو النسمة أو الحبلة . والحبل بفتح الباء مصدر بمعنى المحبول ، كما سمي بالحمل ، ثم أدخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه ، ومنه الحديث " نهى عن حبل الحبلة " ومعناه أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة على تقدير أنه يكون أنثى .

/خ41