تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِذۡ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ عِمۡرَٰنَ رَبِّ إِنِّي نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِي بَطۡنِي مُحَرَّرٗا فَتَقَبَّلۡ مِنِّيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (35)

الآية 35 وقوله تعالى : { إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا } لما أخبر جل وعلا . أنه اصطفى آل عمران ، واختارهم على سائر العالمين ، وكان أقل ما في صفوته واختياره{[3762]} أن جعلت امرأة عمران ما في بطنها محررا ، والمحرر هو العتيق عن المعاش بالعبادة ، وقيل : المحرر هو الذي يعبد الله خالصا مطيعا ، لا يشغله شيء عن عبادته{[3763]} فارغا لذلك ، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه وقيل : المحرر هو الذي يكون لله صافيا ، وقيل : المحرر هو من خدم المسجد .

وقوله تعالى : { إني نذرت لك ما في بطني } جعلت ما في بطنها لله خالصا ، لم تطلب منه الاستئناس به ، ولا ما يطمع الناس من أولادهم ، وذلك من الصفوة التي ذكر جل وعلا وهكذا الواجب على كل أحد أنه إذا طلب ولدا أن يطلب للوجه الذي طلبت المرأة عمران وزكريا حين { قال رب هب لي من لدنك ذرية طبية } [ آل عمران : 38 ] وما سأل إبراهيم عليه السلام : { رب هب لي من الصالحين } [ الصافات : 100 ] كقوله{[3764]} : { ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا } الآية [ الفرقان : 74 ] هكذا الواجب أن يطلب الولد ، لا ما يطلبون من الاستئناس والاستعانة بأمر المعاش بهم .

وقوله تعالى : { فتقبل مني إنك أنت السميع العليم } أي تقبل مني قرباني وما جعلت خالصا { إنك أنت السميع } لنذري { العليم } بقصدي في التحرير ، وقيل : { السميع } المجيب لدعائي { العليم } بنيتي .


[3762]:من م، في الأصل: واختيار.
[3763]:من م، في الأصل: عبادة.
[3764]:في الأصل وم: وكقوله.