وكانوا إنما يحررون الغلمان ، فظنت أنها تلد غلاماً فلما وضعت أنثى قالت : ( رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى ) تريد أنه إنما يحرر الغلمان للخدمة( {[9801]} ) .
وقيل المعنى إن الأنثى تحيض فلا تصلح لخدمة بيتك( {[9802]} ) .
ثم دعت لها فقالت : ( وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) فاستجاب الله لها وأعاذها وذريتها منه . وأصل المعاذ : الملجأ والمفعل( {[9803]} ) ، والهاء في " وضعتها لما على المعنى( {[9804]} ) .
وقيل : لمريم ولم يجر لها ذكر ولكن المعنى مفهوم فحسن( {[9805]} ) . ومن قرأ ( وَضَعَتْ ) بإسكان التاء( {[9806]} ) ففي الكلام تقديم وتأخير تقديره : ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى ) ( وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى ) فهذا من كلامها ، ثم قال تعالى إخباراً منه ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ) .
ومن قرأ بضم التاء( {[9807]} ) فليس فيه تقديم ولا تأخير وهذا كله من كلام أم مريم .
وقرأ( {[9808]} ) ابن عباس : " وضعتِ " بكسر التاء( {[9809]} ) ومعْناه إنه خطاب من الله لها .
قال ابن عباس : ما ولد مولود إلا قد استهل سوى( {[9810]} ) عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فإنه لم يسلط عليه الشيطان لأن الله أجاب دعاء أم مريم في قولها : ( وَإِنِّيَ أُعِيذُهَا بِكَ ) الآية( {[9811]} ) .
قال وهب بن منبه( {[9812]} ) : لما ولد عيسى صلى الله عليه وسلم( {[9813]} ) أتت الشياطين إبليس فقالوا : أصبحت الأصنام قد انكسرت رؤوسها ! فقال : هذا في حادث حدث ، فقال : مكانكم ، وطار حتى جاء خافقي الأرض فلم يجد شيئاً ، ثم جاء البحار فلم يجد شيئاً ، ثم طار ثانية فوجد عيسى صلى الله عليه وسلم قد ولد عند مدوذ حمار( {[9814]} ) ، والملائكة قد حفت به ، فرجع إليهم فقال لهم : إن نبياً قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا أنا( {[9815]} ) بحضرتها( {[9816]} ) إلا هذه ، فيئسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة ، ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة( {[9817]} ) .
وقال النبي عليه السلام " كل آدمي طعن الشيطان في جلده إلا عيسى ابن مريم وأمه جعل بينها وبينه حجاب فأصابت الطعنة الحجاب ولم ينفذ إليهما( {[9818]} ) شيء( {[9819]} ) .
وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من لمس الشيطان إياه إلا مريم وابنها ( ثم )( {[9820]} ) يقول أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم ( وَإِنِّيَ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )( {[9821]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.