الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٖ مِّن رَّبِّهِۦۚ فَوَيۡلٞ لِّلۡقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ} (22)

قوله تعالى ذكره : { أفمن شرح الله صدره للإسلام } – إلى قوله – { لعلهم يتقون }[ 21-27 ] .

في هذه الآية حذف واختصار لدلالة الكلام عليه على مذاهب{[58848]} العرب .

والتقدير : أفمن شرح الله صدره فاهتدى ، كمن طبع على قلبه فلم يهتد لقسوته . ثم بين ذلك بقوله : { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله } أي : عن ذكر الله عز وجل فلا يثبت ذكر الله سبحانه فيها .

وقيل : الجواب والخبر : { أولئك في ضلال مبين } .

وقوله : { فهو على نور من ربه } معناه : على بصيرة ويقين من توحيد ربه .

ويروى أن قوله : { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } نزلت في حمزة وعلي عز وجل{[58849]} .

وقوله : { فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله } نزلت في أبي لهب وولده{[58850]} قال قتادة : { فهو على نور من ربه } يعني به : كتاب الله عز وجل ، المؤمن به يأخذ وإليه ينتهي{[58851]} .

وروي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا له : أو ينشرح القلب ؟ ! ؟

قال : " نعم . إذا أدخل الله فيه النور انشرح وانفسح{[58852]} " .

قالوا : فهل لذلك من علامة{[58853]} تعرف ؟

قال : " نعم ، التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد{[58854]} للموت قبل الموت " {[58855]} .

قال المبرد ، يقال : ( قسا وعتا ){[58856]} إذا صلب ، وقلب قاس لا يلين ولا يرق .

فالمعنى : فويل للذين جفت قلوبهم عن قبول ذكر الله عز وجل{[58857]} وهو القرآن فلم يؤمنوا به ولا صدقوه .

قال الطبري : ( من ) هنا ، بمعنى : ( عن ) ، أي : عن ذكر الله .

فيكون المعنى : غلظت قلوبهم وصليت عن قبول ذكر الله .

وقيل : ( من ) على بابها .

والمعنى : كلما تلي{[58858]} عليهم من ذكر الله قست قلوبهم .

ثم بين حالهم فقال{[58859]} : { أولئك في ضلال مبين } ، أي : في ضلال عن الحق ظاهر .

ومن جعل جواب{[58860]} : { أفمن شرح } محذوفا وقف على { نور من ربه }{[58861]} .

ومن جعل الجواب : { أولئك في ضلال } لم يقف عليه{[58862]} .


[58848]:(ح): مذهب.
[58849]:ساقط من (ح).
[58850]:انظر: جامع القرطبي 15/248، وأسباب النزول 248.
[58851]:انظر: جامع البيان 23/134.
[58852]:(ح): انفسخ.
[58853]:(ح): علامات.
[58854]:(ح): والإعداد.
[58855]:أخرجه الترمذي في نوادر الأصول، الأصل السادس والثمانون الصفحة 125. وضعفه ابن حجر في الكافي: سورة الزمر الحديث 320. وانظره في تفسير ابن مسعود 541، والمحرر الوجيز 14/76، وفتح القدير 4/447.
[58856]:(ح): قسى وعسى.
[58857]:لم أقف عليه في جامع البيان 23/134، وانظره في جامع القرطبي 15/248. وقد قال به المرادي في الجنى الداني 311.
[58858]:(ح): يتلى.
[58859]:ساقط من (ح).
[58860]:(ح): جوابا.
[58861]:انظر: المكتفى 488، ومنار الهدى 271.
[58862]:انظر: القطع والإئتناف 620.