الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَلَكَهُۥ يَنَٰبِيعَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يُخۡرِجُ بِهِۦ زَرۡعٗا مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ حُطَٰمًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (21)

ثم قال تعالى : { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض } أي : أنزل من السماء مطرا فأجراه عيونا .

قال الحسن : هو العيون{[58840]} ، وقال الشعبي : كل عين في الأرض من السماء نزل ماؤها{[58841]} .

وقيل ، المعنى : أنزل من السماء مطرا فأدخله في الأرض فجعله الينابيع ، أي : عيونا .

والمعنى/ كالأول سواء ، وواحد الينابيع ينبوع .

ثم قال { ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه } ، أي : يخرج بالماء أنواعا من الزرع من بين شعير وحنطة{[58842]} وسمسم{[58843]} وأرز ونحو ذلك من الأنواع ، هذا قول الطبري واختياره{[58844]} .

وقال غيره : معنى مختلفا ألوانه : أخضر وأسود وأصفر وأبيض{[58845]} .

وقوله : { ثم يهيج } ، أي : يجف عند تمامه .

قال الأصمعي : يقال للنبات إذ تم ، قد هاج يهيج هيجا{[58846]} .

وحكى المبرد عنه : هاجت الأرض تهيج إذا أدبر نبتها وولى{[58847]} .

وقوله : { فتراه مصفرا } ، أي : قد يبس فصار أصفر بعد خضرته ورطوبته .

{ ثم يجعله حطاما } أي : فتاتا ، يعني : تبن الزرع والحشيش .

ثم قال تعالى : { إن في ذلك الذكرى لأولي الألباب } أي : إن في فعل ذلك والقدرة عليه لتذكرة وموعظة لأصحاب العقول فيعلمون أن من قدر على ذلك لا يتعذر عليه ما شاء من إحياء الموتى وغير ذلك .


[58840]:انظر: الدر المنثور 7/219.
[58841]:انظر: جامع القرطبي 15/246، وتفسير ابن كثير 4/51.
[58842]:الحنطة هي: الُبُّر. انظر: القاموس المحيط 2/355.
[58843]:جاء في القاموس المحيط: السِّمْسِمُ بالكسر حَبُّ الحَلِّ، لَزِجٌ، مُفسد للمعدة والفم ويُصلحه العسل 4/132.
[58844]:انظر: جامع البيان 23/133.
[58845]:قال بهذا التفسير الزجاج في معانيه 4/350.
[58846]:انظر: معاني الزجاج 4/350، والمحرر الوجيز 14/75.
[58847]:انظر: إعراب النحاس 4/9.