الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا يَسۡتَخۡفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمۡ إِذۡ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرۡضَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطًا} (108)

قوله : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ) أي يخفون أمر خيانتهم من الناس الذين لا يملكون لهم ضراً ولا نفعاً .

و( وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ ) الذي هو مطلع عليهم ، ويعلم ما تخفون فهو أحق أن يستخفى منه ( إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ القَوْلِ ) وذلك أنهم قالوا : تقول إن اليهودي سرقها ، ويحلف طعمة على ذلك ، فيقبل من طعمه بيمينه ، لأنه على دين محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يقبل من اليهودي لأنه على غير دينه فهذا ما أعدوا في الليل .

وقيل : يبيتون " يبدلون( {[13508]} ) ، وقيل يؤلفون " ( {[13509]} ) .

وهذا كله في الرهط الذي مشوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شأن طعمة يبرئونه وهم يعلمون أنه( {[13510]} ) سارق الدرع .

وعن ابن عباس : أن طعمة دفن الدرع فأتي جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له : إذا غَدوت من منزلك ، فإنك سترى أثراً( {[13511]} ) بيناً ، فاتبعه حتى إذا انقطع ، فأمر من يحفر ، فإن الدرع مدفون ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فاستخرج( {[13512]} ) الدرع ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما أنا بشر فمن كان ألحن بحجته من صاحبه فقضيت له بحق ليس له ، فإنما أقطع له قطعة من النار : ( {[13513]} ) وهرب المنافق إلى مكة .

قوله : ( وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ) أي لم يزل محيطاً بما يصنعون وما يبيتون لها ، لا يخفى عليه شيء منها حتى يجازيهم بها .


[13508]:- انظر: جامع البيان 5/270.
[13509]:- انظر: جامع البيان 5/271.
[13510]:- (أ): أنهم وهو خطأ.
[13511]:- أثر وهو خطأ.
[13512]:- (أ): فاستخف وهو خطأ.
[13513]:- انظر: تخريجه باختلاف يسير في الموطأ كتاب الأقضية 593 والبخاري في كتاب الأحكام (7181) 8/112، ومسلم في كتاب الأقضية 5/128 وليس في رواية الحديث أن سبب وروده هذه الحادثة، وإنما المذكور في الصفحة قصة أخرى، فالسبب الذي ذكره المؤلف لا يعرف في رواية هذا الحديث الذي أورده، والله أعلم [المدقق].