قوله : { فمن يرد{[21737]} الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام } الآية [ 126 ] .
من قرأ ( ضَيْقاً ) بالتخفيف{[21738]} ، فيحتمل أن يكون مخففا ( ضيق ) ، مثل ( ( ميْت ، ( وميّت ) ){[21739]} ، ويحتمل أن مصدر ( ضاق ضيقا ){[21740]} .
ومن قرأ ( حرجا ) بالكسر{[21741]} ، فهو اسم الفاعل ل( حَرِجَ يَحَرجُ ، فهو حَرِجٌ ) ، ومن فتحه{[21742]} جعله مصدرا ل( حَرِجَ حَرَجاً ){[21743]} .
ومعنى الكسر : ضَيقاً ( ضيّقاً ){[21744]} ، وهو الذي قد ضاق فلم يجد منفذا إلا أن يصعد في السماء ، وليس يقدر على ذلك{[21745]} . ومن فتح جعله صفة ل( ضيقا ) ، كما يقال : ( رجلٌ عدْلٌ ) و( رضى ) ، فكأنه{[21746]} يجعل صدره شديد الضيق{[21747]} .
ومعنى الآية : من يرد الله أن يهديه للإيمان ، { يشرح صدره } أي : يفسحه ويهون عليه{[21748]} ويُسَهّله{[21749]} .
قال النبي عليه السلام – وقد سُئِلَ عن هذه الآية : إذا دخل النور القلب ، انفسح{[21750]} وانشرح ، قالوا : هل لذلك من علامة تعرف ؟ . قال : نعم ، الإنابة{[21751]} إلى دار الخلود ، و( التجافي عن ){[21752]} دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزول الموت{[21753]} .
وقال ابن جريج : ( { يشرح{[21754]} صدره للإسلام } بلا إله إلا الله ){[21755]} .
{ ومن يرد أن يضله } أي : إضلاله عن سبيله ، { يجعل صدره ضيقا } بخذلانه إياه ، وغلبة{[21756]} الكفر عليه{[21757]} .
والحرج : أشد الضيق ، وهو الذي لا ينفذه من شدة{[21758]} ضيقه شيء ) ، وهو – هنا –الصدر الذي لا تصل إليه موعظة{[21759]} ، ولا يدخله نور الإيمان ، وأصل ( حرجا ){[21760]} أنه جمع ( حَرَجَة ) وهي الشجرة الملتف بها الأشجار ، لا يدخل{[21761]} بينها وبينها شيء من شدة التفافها{[21762]} .
وسأل عُمَرُ رجلا من العرب فقال له : ما الحرجة فيكم ؟ ، فقال{[21763]} : الحرجة فينا : الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعيةٌ ولا وحشيّة ولا شيء ، فقال عمر : وكذلك قلب{[21764]} المنافق لا يصل إليه شيء من الخير{[21765]} .
وقال مجاهد : معنى { ضيقا حرجا } : شاكا{[21766]} . وقال قتادة : ملتبسا{[21767]} وقال ابن جبير : لا يجد الإيمان إليه منفذا ولا مسلكا{[21768]} .
وهذه الآية ( من ){[21769]} أدل دليل{[21770]} على أن قدرة الطاعة غير قدرة المعصية ، وأن كلا القدرتين من عند الله تعالى ، لأنه أخبر أنه يشرح صدر من أراد ( هدايته ، ويضيق صدر من أراد ){[21771]} دَفْعَهُ عن الإيمان ، فَتَضْيِيقُه{[21772]} للصدر منع{[21773]} الإيمان ، ولو كان يوصل إلى الإيمان مع تضييق الصدر عنه ، لم يكن بين تضييقه وشرحه فرق{[21774]} .
وقوله : { كأنما يصعد في السماء } : هذا مثل ضربه{[21775]} الله لصدر الكافر في شدة ضيق صدره عن قبول الإٍسلام ونفوره عنه ، فهو بمنزلة من تكلَّف ما لا يُطِيقُهُ ، كما أن من تكلَّف صعود السماء تكلَّف ما لا يُطَاق{[21776]} .
ومعنى التشديد – على قراءة من شدد{[21777]} : أنه أتى به على ( يَتَفَعَّل ){[21778]} ثم أدغم{[21779]} كأنه يتكلف شيئا بعد{[21780]} شيء ، وكُلُّه لا يطيقه{[21781]} .
/{[21782]} ومن قرأ ( يصّاعد ){[21783]} أراد ( يتصاعد ){[21784]} ، ثم أدغم{[21785]} ، ومعناه : كأنه يتعاطى ما لا يقدر عليه ، لأن الله قد خذله عن أن يقبل الإيمان ، وضيّق صدره عن قبوله{[21786]} .
وتحقيق معنى { ضيقا حرجا } – فيمن كسر - : ضيّقا جدا ، كقولك{[21787]} : ( مريض دَنِفٌ ){[21788]} . ومن فتح فمعناه : ضيقا ذا حرج ، كقولك : ( رجل عدلٌ ) ، أي : ذو عدلٍ{[21789]} .
( والرجس ) هنا : ( ما لا خير فيه ){[21790]} ، قاله مجاهد{[21791]} .
وقال ابن زيد : ( الرجس : عذاب الله ){[21792]} .
وقال بعض البصريين : الرِّجزُ والرجس : العذاب{[21793]} والرّجس ( و ){[21794]} النجس : الشيء القذر{[21795]} . وقيل : ( الرجس : اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة{[21796]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.