الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرٗا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ} (23)

ثم{[27127]} قال : { ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم }[ 23 ] .

أي : لأسمعهم جواب كل ما يسألون عنه{[27128]} . أي : لو علم من نياتهم وضمائرهم مثل ما ينطقون به بأفواههم من الإيمان الذي لا يعتقدونه { لأسمعهم } ، أي لجعلهم يعتقدون بقلوبهم مثل ما ينطقون به بأفواههم ، فالأسماع في هذا إسماع القلوب وقبولها{[27129]} ما تسمع الآذان .

وقوله : { ولو أسمعهم لتولوا }[ 23 ] .

عاقبهم بالطبع على قلوبهم ، لما علم من إعراضهم عن الإيمان ، وما علم من كفرهم ، ولذلك دعا موسى عليه السلام{[27130]} . على قومه ، فقال : { واشدد على قلوبهم فلا يومنوا حتى يروا العذاب الاليم }{[27131]} . عاقبهم بالدعاء عليهم لما تبين من إصرارهم على الكفر ، وتماديهم عليه ، { ولو أسمعهم } ذلك { لتولوا وهم معرضون }[ 23 ] ، حسدا ومعاندة .

وقيل المعنى : { ولو علم الله فيهم / خيرا لأسمعهم } ، أي : لفهمهم مواعظ القرآن حتى يعقلوا ، ولكنه علم أنه لا خير فيهم ، وأنهم ممن كتب عليهم الشقاء ، فلو فهّمهم ذلك { لتولوا وهم معرضون } ؛ لأنه قد سبق فيهم ذلك{[27132]} ، والآية للمشركين ، وقيل : للمنافقين .


[27127]:في الأصل: قوله، ثم قال.
[27128]:معاني القرآن للزجاج 2/409، وإعراب القرآن للنحاس 2/183، وعنه نقل مكي.
[27129]:في "ر": وقلوبها، وهو تحريف.
[27130]:في "ر": عز وجل.
[27131]:يونس آية 88، والآية بتمامها: {وقال موسى ربنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم}.
[27132]:هو قول الطبري في جامع البيان 13/463، بتصرف.