الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِن تَسۡتَفۡتِحُواْ فَقَدۡ جَآءَكُمُ ٱلۡفَتۡحُۖ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدۡ وَلَن تُغۡنِيَ عَنكُمۡ فِئَتُكُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَوۡ كَثُرَتۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (19)

وقوله : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح }[ 19 ] .

هذا خطاب للكفار ، قالوا : اللهم انصر أحب الفريقين إليك{[27103]} .

ومعنى { تستفتحوا } : تستحكموا / على أقطع الحزبين للرحم{[27104]} . أي : إن تستدعوا الله أن يحكم بينكم في ذلك { فقد جاءكم الفتح } ، أي : الحكم{[27105]} .

{ وإن تنتهوا فهو خير لكم }[ 19 ] .

أي : إن تنتهوا عن الكفر بالله ، { فهو خير لكم }{[27106]} .

قال السدي : كان المشركون إذا خرجوا من مكة إلى قتال النبي صلى الله عليه وسلم أخذوا أستار الكعبة فاستنصروا الله{[27107]} .

وقوله : { وإن تعودوا نعد }[ 19 ] .

أي : إن عدتم إلى القتال عدنا{[27108]} لمثل الوقعة التي أصابتكم يوم بدر .

{ ولن تغني عنكم فئتكم شيئا }[ 19 ] .

أي : جنودكم وإن كانت كثيرة{[27109]} .

وقيل : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } : للمؤمنين ، وما بعده للكفار{[27110]} .

وقوله : { وأن الله مع المومنين }[ 19 ] ، عطف على : { وأن الله موهن }[ 18 ]{[27111]} .

وقيل المعنى : ولأن الله مع المؤمنين{[27112]} .

وقيل المعنى : واعلموا أن الله .

فيجوز الابتداء بها مفتوحة على هذا القول{[27113]} .

وقيل : إنه كله خطاب للمؤمنين ، أي : إن تستنصروا فقد جاءكم النصر ، وإن تنتهوا عن مثل ما فعلتم من أخذ الغنائم والأسرى قبل الإذن { فهو خير لكم } ، وإن تعودوا إلى مثل ذلك نعد{[27114]} إلى توبيخكم ، كما قال تعالى : { لولا كتاب{[27115]} من الله سبق ( لمسكم ) } الآية{[27116]} .

وقيل المعنى : { وإن تعودُ } أيها الكفار ، إلى مثل قولكم واستفتاحكم نعد إلى نصرة المؤمنين{[27117]} .


[27103]:انظر: غريب ابن قتيبة 178، وتفسير هود بن محكم الهواري 2/91، وجامع البيان 13/450، وما بعدها، ومعاني القرآن للزجاج 2/408، وإعراب القرآن للنحاس 2/182، وعنه نقل مكي، وتفسير الماوردي 2/306، والمحرر الوجيز 2/512، وزاد المسير 3/335، وتفسير القرطبي 245.
[27104]:جامع البيان 13/450، بلفظ: "إن تستحكموا الله....".
[27105]:في جامع البيان 13/450: "...فقد جاءكم حكم الله، ونصره المظلوم على الظالم، والمحق على الباطل".
[27106]:ما أجمله مكي هاهنا موضح في جامع البيان 13/455، الذي نقل عنه.
[27107]:انظر: جامع البيان 13/453، وأسباب النزول للواحدي 238، وزاد نسبته إلى الكلبي، وتفسير البغوي 3/342، وزاد نسبته إلى الكلبي، وزاد المسير 3/335، وتفسير الخازن 2/173، وزاد نسبته إلى الكلبي، وتفسير ابن كثير 2/296.
[27108]:في الأصل: عندنا.
[27109]:انظر: جامع البيان 13/455.
[27110]:إعراب القرآن للنحاس 2/182، وينظر البحر المحيط 4/473، وفتح القدير 2/339.
[27111]:إعراب القرآن للنحاس 2/182، وتفسير القرطبي 7/245، وينظر: جامع البيان 13/456.
[27112]:قال في مشكل إعراب القرآن 1/313: "{أن}، في موضع نصب على تقدير: ولأن الله'. وقال في الكشف 1/491: "قرأ نافع، وابن عامر، وحفص، بفتح الهمزة، ردوه على ما قبله: [{وأن للكافرين}[14]، {وأن الله موهن}[18]، {وأن الله مع المومنين}، حجة القراءات لأبي زرعة 310]، ففتح على تقدير اللام، {وأن الله}: في موضع نصب بحذف لام الجر منها، والتقدير: ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت، ولأن الله مع المؤمنين، أي: ولأن الله مع المؤمنين لن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت، أي: من كان الله في نصره لن تغلبه فئة وإن كثرت، فارتباط بعض الكلام ببعض حسن، وبالفتح يرتبط ذلك وينتظم". وقال الصاوي في حاشيته على الجلالين 2/105: "واللام المقدرة للتعليل". انظر: معاني القرآن للفراء 1/407، وجامع البيان 13/456، والدر المصون 3/410، والتحرير والتنوير 9/310.
[27113]:في المحرر الوجيز 2/513: {وأن}، بفتح الألف، فإما أن يكون في موضع رفع على خبر ابتداء محذوف، وإما في موضع نصب بإضمار فعل".
[27114]:في الأصل: نعود، وهو خطأ ناسخ.
[27115]:الأنفال آية 69، وتمامها: {فيما أخذتم عذاب عظيم}، وما بين الهلالين ساقط من "ر".
[27116]:إعراب القرآن للنحاس 2/182، وتفسير القرطبي 7/245، والبحر المحيط 4/473.
[27117]:المصادر نفسها.