قوله : { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا }[ 36 ] ، الآية .
مصدر{[28617]} مثل : " عافاه الله عافية " ، ومثله : " عامة " و " خاصة " {[28618]} ، ف : { كافة } ك : " العافية " و " العاقبة " ، ولا تدخل فيهما{[28619]} " الألف واللام " ، كما لم تدخلا في " معا " و " جميعا " {[28620]}-{[28621]} .
ومعنى الآية : إن الله قدر أن السنة{[28622]} اثنا عشر شهرا في كتابه الذي سبق فيه ما هو [ كائن ]{[28623]} إلى يوم القيامة ، منها أربعة حرم ، وهن : رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، وكان القتال فيها حراما حتى نزل في " براءة " قتال{[28624]} المشركين{[28625]} .
أي : المستقيم ، إنها اثنا عشر شهرا{[28626]} .
وقيل { الدين } هنا : الحساب ، أي : الحساب المستقيم{[28627]} .
وقال ابن عباس معناه : ذلك القضاء القيم{[28628]} .
وقوله : { فلا تظلموا فيهن أنفسكم }[ 36 ] .
أي : لا تستحلوا ما حرم الله عز وجل{[28629]} .
قال ابن عباس : { فيهن } يعني كلهن .
قال ابن عباس : { فيهن } ، يعني : كلهن{[28630]} .
وهو قول مقاتل بن حيان{[28631]} ، والضحاك ، جعلا الضمير يعود على : { اثنا عشر شهرا }{[28632]} .
وليس قوله : { فلا{[28633]} تظلموا فيهن أنفسكم } إذا جعلناه الأربعة الأشهر بمبيح لنا أن نظلم أنفسنا في غير الأربعة الأشهر ، ولو كان ذلك لكان قوله : { ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق }{[28634]} دليلا على إباحة قتلهم إذا لم يخشوا إملاقا ، ولكان قوله : { والفلك[ التي ] تجري في البحر بما ينفع الناس }{[28635]} دليلا على أنها لا تجري بما يضر الناس ، وهي تجري بما ينفع وما يضر .
وأصل هذا : أن كل نهي إنما يوجب الامتناع عما نهى عنه دون غيره ، وكل أمر فهو ناف لأضداده فإذا قلت : " قم " ، فقد أمرته بترك أضداد القيام من القعود والاضطجاع ، وإذا قلت : " لا تقم " ، فلم تنهه{[28636]} عن الاضطجاع ولا عن الاتكاء ولا عن شيء من أضداده ، فاعلمه .
فالنهي عن الشيء لا يكون نهيا عن أضداد ذلك الشيء ، والأمر بالشيء أمر عن أضداد/ ذلك الشيء على ما بينا ، فافهمه{[28637]} .
وقال قتادة ، وغيره : { فيهن } في الأربعة الحرم ، جعل الذنب فيهن أعظم منه في غيرهن{[28638]} .
وأكثر ما تستعمل العرب " الهاء " و " النون " فيما دون العشرة{[28639]} ، و " الهاء " و " الألف " في ما جاوز{[28640]} العشرة{[28641]} .
فالظلم{[28642]} في جميعها لا يجوز ، ولكن هو فيها أعظم وزرا لشرفها ، فلذلك خصها بالذكر تعالى وهذا كقوله : { والصلاة{[28643]} الوسطى } أفردها{[28644]} بعد أن ذكرها مجملة لشرفها ، وليس إفرادها بالمحافظة يدل على ترك المحافظة فيما سواها ، فكذا هذا{[28645]} .
وقال ابن إسحاق المعنى : لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حراما ، تعظيما لها ، فإنما نهوا عن " النسئ " الذي المشركون يصنعونه{[28646]} .
{ وقاتلوا المشركين كافة }[ 36 ] .
أي : جميعا{[28647]} .
ومعنى { كافة } ، أي : يكف بعضهم{[28648]}بعضا عن التخلف{[28649]} كما يفعلون .
{ واعلموا أن الله مع المتقين }[ 36 ] .
أي : مع من اتقى أمره ونهيه وأطاعه{[28650]} .
ومن جعل { فيهن } يعود على : " الاثنا عشر شهرا " وقف على : { القيم } ، ومن جعله يعود على : " الأربعة الحرم " وقف على : { أنفسكم } ، وهو قول نافع والأخفش{[28651]} .
والأول قول أبي حاتم ويعقوب{[28652]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.