تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (97)

الآية : 97 وقوله تعالى : { من عمل صالحا من ذكر أو أثنى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة } ، اختلف أهل التأويل في قوله ){[10483]} { فلنحيينه حياة طيبة } ، قال : بعضهم : قوله : { فلنحيينه حياة طيبة } في الآخرة ، وهي جنة . وقال بعضهم : { حياة طيبة } في الدنيا .

فمن قال : { حياة طيبة } ، هي الجنة في الآخرة ، يكن{[10484]} تأويله : من يكن عمله في الدنيا صالحا ، يحيه الله في الآخرة حياة طيبة في الدنيا . وإلا فظاهر قوله : { من عمل صالحا } ، إنما هو على عمل واحد . وكذلك قوله : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة } البقرة : 201 ) ، ظاهره على حسنة واحدة . لكن الوجه فيها ما ذكرنا : من يكن عمله في الدنيا صالحا يفعل ما ذكر ، وقوله : { ربنا آتنا في الدنيا حسنة } ، أي : ما تؤتينا في الدنيا ، { آتنا في الدنيا حسنة } ، أو أن يكون على الختم به ، أي : من ختم بالعمل الصالح يحيه الله حياة طيبة في الجنة/ 292-ب/كقوله : { من جاء بالحسنة فله } ( الأنعام : 160 ) كذا .

وقال الحسن : الحياة الطيبة هي الجنة ؛ لأن في الدنيا ما ينغص حياته .

وقال بعضهم : الحياة الطيبة في الدنيا . فتأويله : من يكن يهمه وجهده العمل الصالح ، { فلنُحيِيَّنه حياة طيبة } ، أي : نوفقه ، ونيسره ، للخيرات والعمل الصالح والطاعات ، وهو ما روي ( عنه صلى الله عليه وآله وسلم ) {[10485]} أنه قال : ( كل مسير لما خلق ) ( مسلم 2649 ) ، وكقوله تعالى : { فأما من أعطى وأتقى } { وصدق بالحسنى } { فسنيسره لليسرى } ( الليل : 5 و6 و7 ) ، وكقوله : { والذين جهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } ( العنكبوت : 69 ) ونحوه .

فذلك هو الحياة الطيبة في الدنيا حين{[10486]} يسر عليه العمل الصالح ، ووفقه للطاعات والخيرات .

وقال بعضهم : قوله : { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن } ، أي : قنع في الدنيا بما قسم الله له ، ورزقه ، ورضي به ، { فلنحيينه } في الدنيا { حياة طيبة } بما أزال عنه هم طلب الفضل وغمَّه وذِلَّة حرصه عليه ؛ لأن أكثر هموم الناس في الدنيا وذلهم لما لم يرضوا بما قسم الله لهم ، ولم يقنعوا به ، فهو يحيى { حياة طيبة } لما عصم عن ذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولنجزينهم أجرهم } ، أي : في الآخرة ، { بأحسن ما كانوا يعملون } ، على تأويل من قال : الحياة الطيبة في الدنيا . وقال بعضهم : { حياة طيبة } ، الرزق الحلال ، وقوله : { بأحسن ما كانوا يعملون } ، في الدنيا ما ذكر هؤلاء . وقال بعضهم : { حياة طيبة } ، الرزق الحلال . وقوله : { بأحسن ما كانوا يعملون } ، وقد ذكرنا .


[10483]:ساقطة من الأصل وم:
[10484]:في الأصل وم: يكون.
[10485]:ساقطة من الأصل وم.
[10486]:في الأصل وم: حيث.