تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (146)

الآية 146 وقوله تعالى : ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) لأن الأولاد إنما تعرف بالأعلام وأسباب تتقدم . فعلى ذلك معرفة الرسل عليهم السلام إنما تكون بالدلائل والأعلام ؛ وقد كانت تلك الدلائل والأسباب في رسول الله ظاهرة ، لكنهم تعاندوا ، وتناكروا ، وكتموا بعد معرفتهم به أنه الحق . دليله [ قوله ]{[1723]} : ( وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) . والكتمان أبدا إنما يكون بعد العلم بالشيء ؛ لأن الجاهل بالشيء لا يوصف بالكتمان . وروي عن عبد الله بن سلام أنه قال : ( أعرفه أكثر مما أعرف ولدي لأني لا أدري ما أحدث النساء بعدي ) . وفيه الدلالة أن بعثه{[1724]} وصفته كانت غير مغيرة يومئذ ، وإنما غيرت بعد ؛ حين أخبر أنهم كتموا ذلك [ وقيل : ( ليكتمون الحق ) ]{[1725]} ، لا يؤمنون ، وهو علم ما بينا{[1726]} من نفي بذهاب نفعه . وجائز ان يكونوا عرفوه{[1727]} بما وجدوه بنعته في كتبهم كما قال الله عز وجل : ( الرسول النبي الأمي الذي يجدونه ) الآية{[1728]} [ الأعراف : 157 ] .


[1723]:- من ط ع.
[1724]:- في النسخ الثلاث: نعته.
[1725]:- من ط ع، في الأصل و م: قيل.
[1726]:- كان ذلك في تفسير الآية: 20.
[1727]:- من ط ع و ط م، في الأصل: عرفوا.
[1728]:- أدرج في ط ع تتمة الآية بدل هذه الكلمة.