تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (145)

الآية 145 وقوله تعالى : ( ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) الآية{[1716]} في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون ، ولا يتابعون محمدا صلى الله عليه وسلم في قبلته : حين آيسه من متابعتهم إياه ، لأنها لو كانت في أهل الكتاب كلهم لكان لهم الاحتجاج على رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]{[1717]} ودعوى الكذب عليه ؛ لأن من أهل الكتاب من قد آمن ، فدل أنهم لم يفهموا من عموم اللفظ عموم المراد ، ولكن فهموا من عموم اللفظ خصوصا ، وكان ظاهرا في أهل الإسلام وأهل الكفر جميعا المعنى{[1718]} الذي وصفنا لك ، فظهر أنه لا يجوز أن يفهم من مخرج عموم اللفظ عموم المراد .

وفيه دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه في موضع الإخبار بالإياس من الاتباع له ، ولا يوصل إلى مثله إلا بالوحي عن الله عز وجل وفيه أن كثرة الآيات وعظمها في نفسها لا يعجز المعاند عن اتباع هواه والاعتقاد لما يخالف هواه .

وقوله : ( وما أنت بتابع قبلتهم ) فيه الوعد له بالعصمة في حادث الوقت وما يتلوه ، ويحتمل قوله : ( وما أنت بتابع قبلتهم ) أي ومالك أن تتابعهم في القبلة ، وهذا التأويل كأنه أقرب لما خرج آخر الآية على الوعيد بقوله{[1719]} : ( ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم ) الآية{[1720]} ؛ وقد ذكرنا{[1721]} أن العصمة لا تمنع النهي . ويحتمل أن يكون [ المراد من الخطاب ]{[1722]} غيره .


[1716]:- أدرج في ط ع تتمة الآية بدل هذه الكلمة.
[1717]:- ساقطة من ط ع.
[1718]:- من ط ع، في الأصل و م: لمعنى.
[1719]:- في النسخ الثلاث: بقوة
[1720]:- أدرج في ط ع تتمة الآية بدل هذه الكلمة.
[1721]:- كان ذلك في تفسير الآية: 20.
[1722]:- من ط ع، في الأصل و م: من المراد الخطاب.