بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (146)

{ الذين آتيناهم الكتاب } وهم مؤمنو أهل الكتاب ؛ { يَعْرِفُونَهُ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم بنعته وصفته { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ } بين الغلمان . قال عبد الله بن سلام : والله إني لأنا كنت أشد معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم مني بابني ، فقال له عمر رضي الله عنه : وكيف ذلك يا ابن سلام ؟ فقال : لأني أشهد أنه رسول الله حقاً وصدقاً ويقيناً ، وأنا لا أشهد بذلك على ابني لأني لا أدري ما أحدثت النساء بعدي ؛ فقال له : والله يا ابن سلام لقد صدقت أو أصبت .

ثم قال تعالى : { وَإِنَّ فَرِيقًا مّنْهُمْ } ، يعني طائفة من اليهود { لَيَكْتُمُونَ الحق } في كتابهم ، { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنه نبي مرسل . قال مقاتل : إن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لم تطوفون بالبيت المبني بالحجارة ؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : « إنَّ الطَّوَافَ بِالبَيْتِ حَقٌّ وَإِنَّهُ هُوَ القِبْلَةُ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ » فجحدوا ذلك فنزل قوله تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب } ، يعني التوراة يعرفون أن البيت قبلة كما يعرفون أبناءهم ؛ { وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون } ذلك في أمر القبلة .