تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أُفّٖ لَّكُمۡ وَلِمَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (67)

الآية 67 : [ وقوله تعالى ] {[12704]} : { أف لكم ولما تعبدون من دون الله } : أف هو كلام كل مستخف بآخر ومستحقر له في فعله . يقول { أف لكم } فإبراهيم حين{[12705]} قال [ ذلك لهم إنما قال ] {[12706]} استخفافا بهم وبما عبدوه { أفلا تعقلون } أن عبادة من لا ينفع ، ولا يضر ، لا يصلح ، ولا يحل ؟ وفي أنباء إبراهيم خصال ليست تلك في غيرها من الأنباء :

إحداها : أنه لم يترك صنما كان يعبد دون الله إلا وقد نقص ذلك .

والثانية : أنه حاج قومه أولا في فساد مذاهبهم و فساد ما اعتقدوه ، ثم بعد ذلك أقام عليهم حججه وبراهينه ، لأنه { قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الأفلين }[ الأنعام : 76 ]

و{ قال بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون } [ الأنبياء : 63 ] و{ قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } [ البقرة : 258 ] .

فلما أراهم فساد مذهبهم ، فعند ذلك ذكر حججه وبراهينه حين{[12707]} قال : { إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا } [ الأنعام : 79 ] وقال : { الذي خلقني فهو يهدين } [ الشعراء : 78 ] .

وهكذا الواجب على كل متناظر أن يبدأ أو لا بإظهار فساد مذهب خصمه . فإذا أراه فساد مذهبه فحينئذ يذكر حجج مذهبه وبراهين ما يعتقد ليكون لها أسمع وعند إقامتها أقبل .

والثالثة{[12708]} : أنه لم يُبتل نبي قط مثل فرعونه ولا قوم مثل قومه في السفه والبغض والهم بقتله في النار .

وجائز أن تكون خصوصيته بالخلقة{[12709]} لهذه الخصال التي ذكرناها ، والله أعلم .


[12704]:ساقطة من الأصل و م.
[12705]:في الأصل و م: حيث.
[12706]:من م، ساقطة من الأصل.
[12707]:في الأصل و م: حيث.
[12708]:في الأصل و م: الثالث.
[12709]:في الأصل و م: بالخلة.