تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا} (74)

[ الآية 74 ] وقوله تعالى : { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } قد نعتهم سبحانه وتعالى في معاملتهم : أن كيف عاملوا ربهم بالليل والنهار نعتهم أيضا في معاملتهم عباده : أن كيف عاملوا عباده . ثم نعتهم في معاملتهم أهليهم ودعائهم لهم ، فقال : { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } فهو ، والله أعلم لما أمرهم أن يتوبوا [ ويقوا ]{[14579]} أنفسهم وأهليهم النار بقوله : { قوا أنفسكم وأهليكم نارا } الآية [ التحريم : 6 ] فعند ذلك دعوا ربهم ، وسألوه أن يهب لهم من أزواجهم وذرياتهم ما تقر به أعينهم في الدنيا والآخرة .

وقال بعضهم : اجعلهم صالحين مطيعين فإن ذلك يقر أعيننا . قال الحسن : والله ما شيء أحب إلى العبد المسلم من أن يرى ولده أو حميمه يطيع الله ، وقال : نراهم يعملون بطاعة الله ، فتقر بذلك أعيننا ، والله أعلم .

وقول تعالى : { واجعلنا للمتقين إماما } قال بعضهم : أي اجعلنا أئمة هدى ، يقتدى بنا . وقال بعضهم : واجعلنا بحال يقتدي بنا المتقون .

وأصله ، والله أعلم : كأنهم{[14580]} سألوا ربهم أن يجعلهم بحال من اقتدى بهم صار تقيا ، لا من اقتدى صار ضالا فاسقا . هذا ، والله أعلم : تأويله . وإلا سؤالهم : أن اجعلنا إماما للمتقين ، لا معنى له أن يطلبوا لأنفسهم الإمامة ، ولكن على الوجه الذي ذكرنا ، والله أعلم .


[14579]:- ساقطة من الأصل وم.
[14580]:- في الأصل وم: فإنهم.