[ الآية 8 ] وقوله تعالى : { فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها } اضطربت أقاويل أهل التأويل في هذا : صرف بعضهم{[14905]} تأويله إلى ما لا يزيده إلا سماجة وبعدا عن الحق والصواب وعمى . لكن لو جاز أن يعبر ، ويكنى بحرف : مَن عن غير مميز وغير ذي فهم وعقل لاستقام التأويل فيه [ ولم تقع فيه شبه ، وجعل ]{[14906]} كأنه قال : أن بورك ما فيه من النار وما حولها ، ويكون عبارة عن المكان الذي فيه النار وما حولها من الأمكنة ، أي بورك في ذلك المكان الذي فيه النار وما حولها لأنه قال له في آية [ أخرى : { إنك بالواد المقدس طوى } [ طه : 12 ] ]أي طوى فيه البركات ، وقال في آية ]{[14907]} : { باركنا حوله } [ الإسراء : 1 ] عن بركة ذلك المكان .
فعلى ذلك لو جاز أن يعبر بحرف : من عن غير المميز [ وذوي ]{[14908]} الفهم ، ويكنى به ، جاز صرف التأويل إلى ما ذكرنا من المكان ، أو يقال : بورك ما في النار من النور وما حول ذلك وما يستنار به ويستضاء ، وهو ما استفاد من النبوة والرسالة . هذا كله إذا جازت العبارة والكناية بحرف من [ عن ]{[14909]} غير ذي التمييز والفهم .
فإن جاز هذا لاستقام أن يقال هذا ، أو أن يكون التأويل منصرفا إلى ما ذكر في حرف ابن مسعود وأبي على طرح حرف : من وحرف : في : ذكر أن في حرفهما : نودي أن بوركت النار ومن حولها . وذلك جائز في اللغة أن يقال : بورك في فلان ، وبورك فلان{[14910]} ، وبوركت ، وبورك فيك .
وكذلك ذكر عن الكسائي أنه قال ذلك .
فإن كان ما ذكر عن ابن مسعود وأبي ثابتا{[14911]} صحيحا ، لم تقع فيه شبهة ولا ريب ، أو إن لم تجز العبارة بحرف : من عن غير [ ذي ]{[14912]} التمييز فجائز أن يصرف حرف : من إلى موسى ، فيكون كأنه قال : بورك في الذي أتى النار ، وهو موسى ، أو بورك في من جعل له اقتباس النار ، فينصرف تأويل : من إلى موسى/ 388- أ/ وقد جعل له من البركة في تلك النار ما لا يحصى من استفادة النبوة والإرشاد إلى الطريق والاصطلاء وغير ذلك ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وسبحان الله رب العالمين } ذكر هذا تنزيها عن جميع ما قاله بعض أهل التأويل تبرئة منه عن ذلك كله من نحو مقاتل ومن قال بمثل قوله مما يؤدي إلى التشبيه والشبه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.