تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَنٞ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ} (137)

الآية 137 وقوله تعالى { قد خلت من قبلكم سنن } يحتمل أحكاما . والأحكام تكون على وجهين : حكم يجب لهم هو الثواب عند الطاعة واتباع الحق ، وعذاب يحل{[4422]} بهم عند الخلاف والمعصية ، وتحتمل السنن الأحكام المشروعة { فسيروا في الأرض } حتى تروا آثار من كذب الرسل ، وما حل بهم حتى يخبركم ، أو سيروا في الأرض أي سلوا من يعلم ما الذي حل بهم حتى يخبروكم وما مضى من الهلاك في الأمم الخالية . فهذا تنبيه من الله عز وجل إ ياهم : إنكم إن كذبتم الرسل فسيحل{[4423]} بكم ما قد حل{[4424]} بمن كان قبلكم وإن أطعتم الرسول صلى الله عليه وسلم فلكم من الثواب ما لهم فاعتبروا به كيف كان جزاؤهم بالتكذيب ؟ وما في القرآن مثل هذا معناه : لو سألت لأخبروك . وقيل : سيروا في الأرض أي يتفكروا في القرآن يخبركم عن الأمم الماضية ، فكأنكم سرتم في الأرض ، وما في القرآن مثل هذا فمعناه : لو سألت لأخبروك ، فإن فيه خبر من كان قبلكم من الأمم الماضية ، وما لهم من الثواب بالتصديق والطاعة ، وما عليهم من العقاب والله أعلم .

( وقوله تعالى ){[4425]} { وقد خلت من قبلكم سنن } يحتمل في المكذبين بالرسل والمصدقين ، ( وقوله ) {[4426]} { فسيروا في الأرض } يحتمل لو سرتم فيها لرأيتم آثارهم ولعرفتم ما إليه ترجع عواقب الفريقين ، ويحتمل الأمر بالتأمل في آثارهم والنظر في الأنباء{[4427]} عنهم ليكون لهم{[4428]} به العبر وعما هم مزجر . وتحتمل السنن الموضوع من الأحكام وبما به امتحن من قبلهم ليعلموا أن الذي بلوا به ليس ببديع بل على ذلك أمر من تقدمهم كقوله : { قل ما كنت بدعا من الرسل } ( الأحقاف 9 ) وكقوله عز وجل : { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } ( آل عمران 144 ) والله أعلم .


[4422]:من م في الأصل: يحتمل
[4423]:في الأصل و م فيحل.
[4424]:في الأصل و م: قل.
[4425]:في الأصل و م وفي قوله.
[4426]:ساقطة في الاصل و م
[4427]:من م في الأصل: الأنبياء.
[4428]:في الأصل و م: له