تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٖ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنٗا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّاۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقٗاۖ قَالَ يَٰمَرۡيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ} (37)

الآية 37 وقوله تعالى : { فتقبلها ربها بقبول حسن } يحتمل قوله : { فتقبلها ربها بقبول حسن } إذ أعاذها { وذريتها من الشيطان الرجيم } على ما سألت ، ويحتمل أن جعلها تصلح للتحرير ، ولما جعلت ، وإن كانت أنثى .

وقوله تعالى : { وأنبتها نباتا حسنا } يحتمل أيضا { نباتا حسنا } أن لم يجعل الشيطان إليها سبيلا ، ويحتمل أن رباها تربية حسنة أن لم يجعل رزقها وكفايتها بيد أحد من الخلق ، بل هو الذي تولى{[3779]} ذلك ، لما{[3780]} يبعث إليها من ألوان الرزق كقوله : { وجد عندها رزقا } وكقوله : { وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا } [ مريم : 25 ] .

وقوله تعالى : { وكفلها زكريا } فيه لغتان :

أحدهما : بالتخفيف ، والأخرى بالتشديد{[3781]} ، فمن قرأ بالتخفيف فمعناه : ضمها زكريا إلى نفسه ، ومن قرأ بالتشديد فمعناه : أي الله جل وعلا ضمها إلى زكريا .

وقوله تعالى : { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا } قيل : { وجد عندها } فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف ،

{ قال } زكريا { أنى لك هذا } ؛ قيل فيه بوجهين : قيل : استخبار عن موضعه ، أو كيف لك هذا ؟ على الاستيضاف إنكارا عليها واتهاما لما لا يدخل عليها غيره ، ولا يقوم بكفايتها سواه ، فوقع في قلبه أن أحدا من البشر يأتيها بذلك .

ثم : { قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب } أي يرزق من حيث لا يحتسب .


[3779]:في الأصل وم: متولى.
[3780]:من م، في الأصل: لم.
[3781]:قرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتشديد، وقرأ الباقون بالتخفيف، انظر حجة القراءات ص (161).