تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا وَضَعَتۡهَا قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي وَضَعۡتُهَآ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا وَضَعَتۡ وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ وَإِنِّي سَمَّيۡتُهَا مَرۡيَمَ وَإِنِّيٓ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ} (36)

الآية 36 وقوله تعالى : { فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى } ومعنى قوله : { إني وضعتها أنثى } مع علمها أن الله عالم بما في بطنها وبما وضعتها [ في وجهين ]{[3765]} :

أحدهما : اعتذار{[3766]} لما لم يكن التحرير{[3767]} في ذلك الزمان إلا للذكور{[3768]} من الأولاد ، فاعتذرت { رب إني } ما وضعت لا يصلح للوجه الذي ذكرت .

والثاني : أن الإنسان إذا رأى شيئا عجيبا قد ينطق بذلك ، وإن كان قد يعلم أن غيره [ علم ]{[3769]} ما علم هو ، وأنه رأى{[3770]} مثل ما رأى هو .

ويحتمل أن طلبت ردها إلى منافعها إذ{[3771]} وضعت الأنثى لما رأت لا تصلح لذلك . ويحتمل قولها : { إني وضعتها أثنى } التعريض لإجابة الله تعالى في ما قصدت من طاعته بالنذر ، وإن لم تكن صلحت لما قصدت ، ثم أجيبت في قولها{[3772]} بقوله : { فتقبلها ربها بقبول حسن } نحو ما يتقبل لو كان ذكرا{[3773]} في الاختيار والإكرام ، وجعلها خير نساء العالمين{[3774]} .

وقوله تعالى : { وليس الذكر كالأنثى } اختلف فيه : قيل : إن ذلك قولها{[3775]} : { وليس الذكر كالأنثى } على إثر قولها : { قالت رب إني وضعتها أنثى } لما تحتاج الأنثى إلى فضل حفظ وتعاهد ، والقيام بأسبابها [ ما ]{[3776]} لا يحتاج الذكر ، وقيل : إن ذلك قول قاله جل وعلا لما قالت : { إني وضعتها أنثى } جوابا { وليس الذكر كالأنثى } في ما قصدت ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإني سميتها مريم } فيه دلالة مريم أن التسمية{[3777]} إلى الأمهات في الإناث دون الآباء ، ثم التجأت إلى الله تعالى حين أعاذتها به { وذريتها من الشيطان الرجيم } وفيه دلالة أن الذكر يكون{[3778]} من ذرية الإناث لأنه لم يكن منها إلا عيسى عليه السلام .


[3765]:في الأصل وم: وجهان.
[3766]:في الأصل وم: اعتذارا.
[3767]:في الأصل وم: تحرير.
[3768]:في الأصل وم: الذكور.
[3769]:ساقطة من الأصل وم.
[3770]:ساقطة من م.
[3771]:في الأصل وم: إذا.
[3772]:في الأصل وم: قولك.
[3773]:من م، في الأصل: ذاكرا.
[3774]:إشارة إلى قوله تعالى: {واصطفاك على النساء العالمين} [آل عمران: 40]...
[3775]:أدرج بعدها في الأصل وم: قالت.
[3776]:من م، ساقطة من الأصل.
[3777]:في الأصل وم: تسميته.
[3778]:في م ك يكونون.